في السماء، يعبد الله وكانت الملائكة تظن أنه منهم ولم يكن منهم، فلما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم (عليه السلام) أخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد، فعلم الملائكة عند ذلك أن إبليس لم يكن منهم، فقيل له (عليه السلام) فكيف وقع الأمر على إبليس، وإنما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم (عليه السلام) فقال (عليه السلام): كان إبليس منهم بالولاء ولم يكن من جنس الملائكة، وذلك أن الله خلق خلقا قبل آدم (عليه السلام)، وكان إبليس فيهم حاكما في الأرض فعتوا وأفسدوا وسفكوا الدماء، فبعث الله الملائكة فقتلوهم وأسروا إبليس ورفعوه إلى السماء، فكان مع الملائكة يعبد الله إلى أن خلق الله تبارك وتعالى آدم (عليه السلام).
وفي معناه ما رواه المحدث القاشاني في تفسيره، والنصوص الدالة على وجود الجن والنسناس قبل آدم كثيرة.
وقضية هذا كله، كون المراد بالأسماء موضوعات غيره تعالى.
ويمكن دفعه: أن احتمال لحوق الوضع من ولد آدم (عليه السلام) مما ينفيه سوق الآية، المقتضي تفضيله (عليه السلام) على غيره من الملائكة، فإنه لو صح ذلك لقضي بكون ولده الواضعون أولى بالتفضيل، لمكان علمهم باللغات مع اختراعهم لها ووضعهم إياها، مع أن هذا النحو من الاختراع مع اشتماله على دقائق محكمة ولطائف متقنة لو كان صادرا عن أحد منهم لاستطر اسمه في الدفاتر والأوراق، واشتهر مدحه ووصفه في الأعاصر والآفاق، كما هو الحال في مبدعي سائر الأمور العجيبة والأطوار الغريبة، لقضاء العادة بذلك، مع أن كون تعليم الأسماء مرادا به تعليم ما وقع من ولد آدم (عليه السلام) من الاصطلاحات يقضي بالتزام أحد المحذورين، من الكذب والتجوز الغير الناشئ من شاهد معتبر، فإن الأسماء باعتبار دخول الوضع في مفهومه عرفا ولغة إما أن يراد به الألفاظ الموضوعة بالوضع الحاصل في الحال فيلزم الكذب، أو الموضوعة بالوضع الحاصل في الاستقبال باعتبار ما يؤول فيلزم المجاز.
وأما احتمال كون الوضع من خلق سابق، فيدفعه: أنه لا وجه فيه للصحة إلا بإحراز أربع مقدمات: