أو المتعلق أو غيرهما كانت جزئيات ذهنية، ويكون الألفاظ الدالة عليها كنكرات ألفاظ المعرفة، والعلم والظن واليقين والشك موضوعة بإزائها، بناء على أن النكرة موضوعة للفرد المأخوذ بوصف الانتشار.
وهذا كما ترى أوجه مما تقدم، إلا أن كلام القائل ودليله لا يساعد عليه.
وكيف كان فالإنصاف: أن القول بوضع الألفاظ للأمور الخارجية لا يغاير القول بالماهية باعتبار المعنى، وإن غايره بحسب العبارة.
وبيانه: أن معاني الألفاظ مطلقا إن اخذت لذواتها وفي حد أنفسها كانت أمورا واقعية جزئية كانت أو كلية، حتى ما لم يكن له مصداق في الخارج بالفعل مع الإمكان أو الامتناع، بعد مراعاة الفرض وملاحظة إمكانه وإن استحال المفروض كما عليه مبنى كلية الكلي، وإن اخذت متحصلة في الذهن لم يكن الداخل فيه ذوات هذه المعاني وأعيانها، فإنه مما يستحيله العقل بل صورها المطابقة لها وأشباهها المنطبقة عليها، على حد ما يحصل في المرآة من الجسم المحاذي لها، فإن الذهن المدرك للأشياء حاله كالمرآة ينطبع منها فيه صورها شبه ما ينطبع منها في المرآة، وهذا هو المراد من الصور الذهنية في كلام من يزعم وضع الألفاظ بإزائها، والأمر في مسألة وضع الألفاظ في نظر القوم مردد بين تعلقه بصور المعاني المنطبعة في الأذهان، أو بذواتها وأعيانها وهذا هو المراد من وضعها للأمور الخارجية، بناء على أن المراد من الخارج هنا إنما هو الخارج عن الذهن، وهو المرادف للواقع على حد ما أريد به في حد الخبر، بأنه: " كلام لنسبته خارج ".
ومما يفصح عن ذلك مضافا إلى أنه المستفاد من مطاوي كلماتهم ومساق أدلة الطرفين، عبارة العلامة في النهاية، فإنه بعدما حكم بأن الألفاظ لم توضع للدلالة على الموجودات الخارجية بل للدلالة على الذهنية، وذكر حجته في المفردات والمركبات معا، قال: وفيه نظر، فإن الواضع إنما وضع الألفاظ للمعاني الخارجية