معا على ما تقدم من القول بأن المجاز قد يصح بدون العلاقة إذا نص الواضع بالرخصة في بعض الموارد بدونها.
ومن الفضلاء (1) من صار إلى أن المعتبر في العلاقة المصححة للتجوز هي المناسبة التي يقبلها الطبع، سواء وجدت في ضمن إحدى الأنواع المضبوطة أو في غيرها، بل هذه الأنواع إنما تعتبر إذا تضمنت هذه المناسبة، ويستفاد منه جواز رجوع مقالة الأكثر إليه أيضا، حيث قال: واعلم، أن الأكثر لم يبالغوا في حصر أنواع العلاقة وضبطها كما يشهد به تصفح كتبهم، وكأن ذلك تنبيه منهم على أن المعتبر في العلاقة إنما هو تحقق المناسبة التي يقبل الطبع إطلاق اللفظ الموضوع لأحدهما على الآخر، وأن الوجوه المذكورة من مظانها. وهذا هو التحقيق الذي ينبغي تنزيل كلماتهم عليه... الخ.
وقضية كلامه عدم الاحتياج في استعلام اعتبار العلاقة ومعرفة صحة التجوز معها إلى مراعاة الاستقراء، ولا مراجعة مجازات اللغة، ولا التوقف عند التجوز لعلاقة موجودة إلى انكشاف كون هذه العلاقة بخصوصها من جملة العلاقات المتداولة في المحاورة.
والظاهر أن ما اختاره (قدس سره) متين، بل في غاية المتانة، بل هو الحق الذي لا محيص عنه ولا طريق إلى ما سواه.
وبيانه: أن العلاقة المصححة للتجوز حسبما يساعد عليه المجازات المتحققة في لغة العرب، ويرشد إليه الأمثلة المنقولة عنهم في كلام أهل الأدب عبارة عن شدة اتصال وارتباط بين المعنيين الموضوع له والمستعمل فيه، أوجب في نظر العقل ولحاظ الاعتبار كونهما كالمتحدين بحسب الذات، والحكم على أحدهما بكونه من صاحبه بمثابة كأنه هو بعينه، وإن كان قد يتوقف حصول هذا الاعتبار على انضمام بعض الخصوصيات الخارجة عن ذات المعنيين إليهما، من القصد