إيمانكم) (١) وهذه المناسبة بعينها موجودة في إطلاق " الحياة " على العلم. ووجه تفرقة بعض الفضلاء (٢) بينهما غير واضح.
والأولى جعلهما معا من باب إطلاق السبب بناء على إرادة مطلق المدخلية من السببية ولو شرطية، كما هو الحال في الأمثلة المتقدمة على ما يظهر بالتأمل، وأولى منه تفسيرها بشدة المدخلية ليختص الحكم بما له مزيد دخل كالشرط ونحوه.
ثم إنه قد سبق إلى بعض الأوهام أن الواضع قد اعتبر هذه الأنواع من حيث الخصوص، وأن أهل اللغة قد نقلوها فليس لنا التعدي عما نقلوه، وفيه ما لا يخفى.
أما أولا: فلمنع تعرض الواضع لاعتبار هذه الأنواع بعناوينها الخاصة، ومنع كونها مما تعرض لنقلها أهل اللغة، بل لا يسلم من الواضع تصرف سوى وضع الألفاظ لمعانيها الحقيقية، المقتضي لاتصالها بمعانيها المجازية، المتصلة بمعانيها الحقيقية حسبما نقرره.
ولو سلم منه تصرف، فليس إلا تجويزه الإطلاق المجازي، تعويلا على العلاقة المقتضية لاتصال المعنيين حيثما وجدت، سواء تحققت في ضمن أحد الأنواع المذكورة أو لا.
وأما ثانيا: فلمنع انحصار ما اعتبره الواضع بالخصوص، ونقله أهل اللغة كذلك فيها، ليلزم منه عدم جواز التعدي منها إلى غيرها، كيف وكثير من المجازات بمثابة لا تبلغ الأوهام إلى إدراك وجوه علاقاتها، ويعجز الأفهام عن معرفة عناوينها الخاصة، كما في مجازات الحروف التي منها ما تطرق إلى أدوات الاستفهام كالاستبطاء في قولهم: " كم دعوتك " والتعجب في مثل [قوله تعالى:] ﴿مالي لا أرى الهدهد﴾ (٣) والتنبيه على الضلال في مثل [قوله تعالى:] ﴿فأين تذهبون﴾ (4).