التكليف بل هما نفسه على التفسير المتقدم، فالجعل الثابت فيهما جعل تكليفي فيكون تسميتهما وضعيا اصطلاحا، والنجاسة إن جعلناها عبارة عن نفس نبذة أحكام تكليفية مجتمعة في شئ، من وجوب الاجتناب والمنع من الاستعمال في مشروط بالطهارة وغيره، فالمتجه كونها مجعولة لا لأنها وضعي بل لأنها عدة أحكام تكليفية.
وإن جعلناها عبارة عن الصفة الثابتة في المحل التي هي منشأ للأحكام المذكورة - كما هو الراجح في النظر، وعليه الأكثر - فربما أمكن إرجاع الكلام في مجعوليتها إلى ما فرض من المسألة العقلية في توابع الماهيات ولوازمها، المبحوث عن كونها مجعولة أو منجعلة، فيتجه عدم المجعولية هنا على القول بعدم المجعولية، نظرا إلى أن النجاسة في مواردها من اللوازم الثابتة للأعيان.
وعلى القول الآخر فالمتجه ثبوت الجعل هنا أيضا، لكن يشكل ذلك بناء على اعتبار الحيثية كما هو الظاهر، والجعل على فرض ثبوته في المسألة العقلية ليس من حيث الشارعية، والطهارة أيضا على قياس ما ذكر في النجاسة إن كانت وصفا وجوديا، وإلا فهي أولى بعدم المجعولية.
وأما البواقي مما أشرنا إليه وغيره فغير خالية عن كونها في الحقيقة حكما تكليفيا، كالرخصة والعزيمة والولاية والضمان والحجية على أحد الوجهين، أو متولدا عن الحكم التكليفي كالحجية في وجهها الآخر، أو من آثار السببية العرفية التي أمضاها الشارع، أو الواقعية التي كشف عنها الشارع، فإن المشروع لعذر والمشروع لا لعذر ليسا إلا حكمين تكليفيين كما أشرنا إليه ولذا ينقسم الأول إلى الوجوب والندب والإباحة على ما صرحوا به، وكذا الثاني.
غاية الأمر أنهما يسميان بهذين الاسمين، تنبيها على انقسام التكليفيات باعتبار اختصاص ثبوت البعض بمقام العذر والبعض الآخر بغيره، هذا إن