جعلناهما اسمين لنفس الأحكام، وأما إذا جعلنا [هما] (١) اسمين لفعل المكلف الذي يعرضه هذان القسمان من الأحكام التكليفية - كما يظهر ذلك من بعضهم، حيث أخذ المقسم فيهما فعل المكلف - فعدم المجعولية فيهما حينئذ واضح، لأن المجعول هو التكاليف العارضة للفعل العذري والفعل الغير العذري، بل يشكل تسميته بهذا الاعتبار حكما شرعيا، لأنه على هذا الوجه موضوع للحكم الشرعي، فلو انعقد ذلك اصطلاحا فلا مشاحة.
والولاية في أولياء الصبي وغيره ليست إلا عبارة عن الإذن في التصرف في ما يتعلق بالمولى عليه أو المأذونية فيه، والأول تكليف والثاني متولد منه.
والضمان ليس عبارة إلا عن وجوب الخروج عن العهدة أو كون الشئ في العهدة، والأول تكليف، والثاني متولد منه أو هو من آثار السببية العرفية أو الواقعية. والحجية عبارة إما عن وجوب العمل بالأمارة أو عن كونها وسطا، والأول تكليف والثاني متولد منه. والوارثية والمورثية؛ وغيرها مما تقدم من آثار السببية القائمة بموت الإنسان الموجبة لانتقال أملاكه إلى غيره، وهي إما من الملازمات العرفية أو الواقعية، وأيا ما كان فليست مجعولة للشارع.
فالإنصاف: أن الأحكام الوضعية لم يتبين فيها ما يكون مجعولا بالخصوص.
موضوع الفقه ومبادئه ومسائله نعم قد يوجد في بعض الآيات والروايات ما يوهم تحقق الجعل في بعض الموارد كما في قوله تعالى: ﴿ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا﴾ (٢) وقوله تعالى: ﴿يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق﴾ (٣) وقوله تعالى: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾ (4) وقوله (عليه السلام) - في مقبولة عمر بن حنظلة -: " فإني قد جعلته حاكما عليكم فارضوا به حكما " (5) وقريب منه ما في