وأما الواسطة في التصديق، فما كان علة لثبوت المحمول للموضوع في الذهن، فإن كان مع ذلك علة لثبوته له في الواقع أيضا يسمى " بالبرهان اللم " وإلا " فببرهان الإن ".
ومن الأفاضل (1) من اختار القول بمنع وجود الواسطة المبائنة في العروض أيضا، قائلا: وأما ما ذكر من صحة كون الواسطة في العروض مبائنا للمعروض فغير واضح، بل الظاهر فساده.
بيان ذلك: أنه إن جعل الواسطة فيما يفتقر إلى واسطة فيه، الأعراض القائمة بمحالها المبائنة لمعروضاتها كما هو الشأن في العروض، كان الحمل في جميع ما يفتقر إلى الواسطة الخارجية بتوسط الأمر المبائن، ولا يتحقق هناك واسطة خارجية لا تكون مبائنة للمعروض بحسب الصدق، ضرورة تبائن كل عرض لمعروضه، فلا يتجه الحكم بكون بعض الوسائط مبائنا في الصدق دون البعض، وإن جعل الواسطة فيه العرضيات والمشتقات المحمولة على المعروضات لم يتحقق هناك مبائنة بالنسبة إلى شئ منها، ضرورة صحة حملها على الذات من غير فرق في ذلك بين خصوصيات الأعراض، فما ادعى من الفرق بين الفساد (2).
وفيه: أن الواسطة فيما أمكن فيه الاشتقاق اللغوي هي المشتقات دون مبادئها التي هي الأعراض القائمة بمحالها، لا لمجرد امتناع حملها على الموضوع، بل له ولامتناع حمل الغير عليها، وهو العرض المبحوث عنه المعتبر عروضه للواسطة، وفيما لا يمكن فيه الاشتقاق اللغوي كالإنسان والحيوان والسفينة والسطح والنار - على فرض صحة التمثيل بها - فالواسطة هي نفس الذات.
موضوع الفقه ومبادئه ومسائله ولا ريب أن بعض هذه الذوات مما يصح حملها وبعضها مما لا يصح - مع صحة حمل الغير عليه - وهذا هو الواسطة المبائنة كالسفينة والنار بل السطح - وإن نوقش في كونه مبائنا بأن الواسطة هنا هو المسطح، وذكر السطح مسامحة في