وبالجملة: عد ما يعرض لأمر مبائن عرضا غريبا بقول مطلق - كما هو ظاهر الجماعة - ليس بصواب، بل هو مقيد بعدم مساواة الواسطة في الوجود أيضا.
وممن سبقنا على هذا التحقيق المحقق الشريف في حواشي شرح المطالع، عند اعتراضه على من جعل الأبيض المحمول على الجسم بتوسط حمله على السطح المبائن له من أمثلة العرض الغريب، لمبائنة الواسطة قائلا:
ويرد عليه: أنه قد بحث عن الألوان في العلم الذي موضوعه الجسم الطبيعي، مع كونها عارضة له بواسطة مبائنة كما حققناه، فكيف يعد العارض بتوسط المبائن عرضا غريبا، وإنما المثال المطابق له عروض الحركة الغير الإرادية لجالس السفينة بواسطة حركة السفينة، لوضوح أن السفينة تبائن جالسها في الوجود كما تبائنه في الحمل، فيكون الحركة العارضة بتوسطها عرضا [غريبا] (1)، دون البياض العارض للجسم بتوسط السطح فإنه من الأعراض الذاتية كما تقدم، لتساوي السطح للجسم في الوجود وإن بائنه في الحمل.
وبما اعتبره من وصف الحركة بكونها غير إرادية لا مجال للقول بأن الحركة إن أريد بها الخروج من حيز إلى آخر فهي عارضة لذات الجالس فيكون مما يلحق الشئ بواسطة الجزء الأعم، لوضوح أن ما هو من لوازم الذات إنما هو الحركة بالإرادة، والحركة المفروضة غير إرادية بل غير اختيارية، ولا تكون إلا أن معروضها الأولي هي السفينة المبائنة للجالس حملا ووجودا، فهي حركة واحدة تنسب إليها أولا وبالذات وإليه ثانيا وبالواسطة، لا أن هناك حركتين ممتازتين قائم إحداهما بها والأخرى به كما في حركتي اليد والمفتاح، فلو فرض حينئذ للجالس حركة أخرى غير ما هي قائمة بالسفينة مسببة عنها، كانت من قبيل حركة المفتاح الناشئة عن حركة اليد، فتخرج السفينة بالقياس إليها حينئذ عن ضابطة الواسطة في العروض، وتندرج في عنوان الواسطة في الثبوت بالمعنى المقابل للواسطة في العروض، وهي ليست من معقد البحث هنا.
وبذلك يعلم أن التمثيل لما يعرض للواسطة المبائنة بالحرارة العارضة للماء