كلامهم لمعنيين، فتارة لما يرادف الواسطة في العروض، وأخرى لما يقابلها والواسطة في التصديق، فإن ثبوت شئ لشئ أعم من كونه كذلك في لحاظ الحمل أو في لحاظ الخارج، والعروض أخص منه، كما يشير إليه ما في ذيل الحاشية المتقدمة من قوله: " دون الواسطة في الثبوت التي هي أعم " بإرادة كونها أعم من الواسطة في العروض كما هو الظاهر من سياق العبارة.
ومن البين أن نفي الأعم قد يراد منه نفيه في ضمن الأخص فلا ينافيه ثبوته في ضمن الأخص الآخر، خصوصا إذا كان النفي واردا في موضع التنبيه على شبهة من اشتبه المقدمة التي محمولها أولي بالمقدمة الأولية، فإن ذلك قرينة واضحة على أن المراد بالواسطة المنفية واسطة يوجب انتفاءها كون محمول المقدمة أوليا، الغير المنافي لعدم كونها من المقدمات الأولية كما يومئ إليه أيضا قوله: " وأما العلم بثبوتها لها فربما يحتاج إلى برهان ".
ثم إن العرض الأولي بالمعنى المتقدم أعم من العرض الذي يشمل جميع أفراد معروضه بانفراده، والذي يشمل الجميع منضما إلى مقابلاته إذا أخذ في لحاظ الحمل على وجه الترديد، لكن يشترط في أوليته في صورة الانضمام بعدم احتياجه في عروضه له إلى أن يصير نوعا معينا، كالمتحرك والساكن العارضين للجسم على نحو الترديد، حيث إنهما في عروضهما له لا يحتاجان إلى أن يصير إنسانا أو حيوانا، وكالزوج والفرد العارضين للعدد الغير المحتاجين إلى أن يصير أربعة وثلاثة، وأما ما يحتاج في عروضه له إلى أن يصير نوعا معينا كالضاحك والصاهل العارضين للحيوان المحتاجين إلى صيرورته إنسانا وفرسا، لوضوح أن الحيوان ضاحك بواسطة أنه إنسان لا لذاته، فليس من الأعراض الأولية، وإن كان إذا أخذ مع مقابلاته العارضة لسائر الأنواع على وجه الترديد أيضا بحيث يكون مرجعه إلى اعتبار كون محمول القضية هو الأمر المردد بين الجميع من الأعراض الذاتية، لوضوح كون هذا الأمر المردد إذا أخذ على هذا الوجه من لوازم الموضوع وآثاره المطلوبة وخصائصه الغير الشاملة لغيره العامة لجميع جزئياته، ووجود