وأخرى: بأن العرض الذي يلحق الشئ لا بتوسط لحوق شئ آخر لا ينحصر في العرض الأولي الذي يلحق الشئ لما هو هو، فإن انتفاء لحوق شئ آخر قد يكون بانتفاء ذلك الشئ الذي هو ذات اللاحق، كما في العرض الأولي.
وقد يكون بانتفاء لحوقه الذي هو وصف اللاحق، كما في العرض اللاحق لما يبائنه، كما يندفع الثاني بأن الوسط الذي عرفه الشيخ إنما هو الواسطة في التصديق. ومحل الكلام هو الواسطة في العروض، ولا يعتبر فيها كونها مما يصلح للحمل كما عرفت.
ومن هنا أورد على الاستدلال به، بأنه لو كان المراد " بالوسط " هناك ما ذكره لم يكن إثبات الأعراض الأولية من المطالب العلمية، لوضوح أن العارض بلا وسط بهذا المعنى يكون بين الثبوت لمعروضة.
والشبهة إنما نشأت عن عدم التفرقة بين الوسط في التصديق والوسط في الثبوت، نظرا إلى أن ما عرفه الشيخ هو الوسط في التصديق. وكلامنا هناك في الوسط في الثبوت والفرق بينهما واضح.
ولا يذهب [عليك] أن جعل الكلام هنا في الوسط في الثبوت مع أن محل البحث - على ما عرفت - هو الوسط في العروض مبني على ما قررناه سابقا في توجيه عبارة المحقق الشريف.
وتوضيحه: - زيادة على ما مر - أن الواسطة في الثبوت قد تطلق على ما يقابل الواسطة في التصديق، فيراد بها ما يكون علة لثبوت المحمول للموضوع في الواقع، سواء كانت معروضة لذلك المحمول الذي هو من عوارض الموضوع فتكون واسطة في العروض أيضا أو لا، فتكون واسطة في الثبوت المقابلة للواسطة في العروض، وقد تطلق على ما يقابل الواسطة في العروض فيراد بها ما لم يكن معروضا بل كان علة للعروض، فبين المعنيين عموم مطلق، يجتمعان في المبدأ الفياض المتوسط لعروض الألوان للسطوح، ويفترق الأول في التعجب المتوسط لعروض الضحك للإنسان.