وأما الثاني، فكالحاجة اللاحقة للممكن المبحوث عنه في فن المعقول، فإنه يتصف بها من حيث الذات على ما هو التحقيق وكالأحوال الطارئة على الأشكال، كمعادلة الزوايا الثلاث القائمتين المبحوث عنها في علم الهندسة، فإن لحوق تلك الأحوال لموضوعاتها مستندة إلى ذواتها، وكذلك الأحوال اللاحقة للعدد المبحوث عنها في علم الحساب. انتهى.
وقد سبقه إلى هذا التحقيق جماعة منهم المحقق الشريف في حواشيه لشرح المطالع قائلا بأن المعتبر في العرض الأولي هو انتفاء الواسطة في العروض، وهي التي تكون معروضة لذلك العارض، دون الواسطة في الثبوت التي هي أعم.
وله كلام آخر في حواشيه لشرح الرسالة الشمسية ربما توهم كونه مناقضا لذلك، حيث قال: واعلم أن العوارض التي تلحق الأشياء لذواتها لا يكون بينها وبين تلك الأشياء واسطة في ثبوتها لها بحسب نفس الأمر، وأما العلم بثبوتها لها فربما يحتاج إلى برهان.
ويدفعه: أن غرضه بذلك إنما هو الرد على الاعتراض المتقدم إليه وإلى دفعه الإشارة، من أن العرض الذي يلحق الشئ لذاته - أي بلا واسطة - يكون بين الثبوت له فكيف يصلح مسألة للعلم، فيكون المراد بثبوتها - المدعي انتفاء الواسطة بالقياس إليه - ثبوتها لموضوعاتها في لحاظ الحمل الذي مفاده اتحادهما باعتبار الوجود، على معنى عدم احتياجها في لحاظ الحمل إلى واسطة يثبت لها أولا وبالذات ولموضوعاتها المبحوث عنها ثانيا وبالواسطة، وهو بهذا المعنى يرادفه نفي الواسطة في العروض، فلا ينافيه احتياجها في ثبوتها لتلك الموضوعات في لحاظ الخارج إلى واسطة تكون علة لتحققها فيه كما لا يخفى، ولعله إلى ما وجهناه يشير ما قيل في بعض حواشي عبارته المذكورة من إمكان التوفيق بين كلاميه، بأن يحمل كلامه هنا على نفي الواسطة في الثبوت في ضمن الواسطة في العروض لا مطلقا.
وقضية كلامه على التوجيه المذكور، ورود إطلاق الواسطة في الثبوت في