وأما المفسدة فإنما اعتبرت لأن كونه مفسدة وجه قبح، فلا يجوز أن يثبت معه وجوب ولا حسن بلا خلاف.
والغرض بإنكار المنكر أن لا يقع، فإذا أثر القول والوعظ في ارتفاعه اقتصر عليه، وإن لم يؤثر [جاز أن يغلظ في القول ويشدد، فإن أثر اقتصر عليه، وإن لم يؤثر] 1) وجب أن يمنع منه ويدفع عنه وإن أدى ذلك إلى إيلام المنكر عليه والاضرار به وإتلاف نفسه بعد أن يكون القصد ارتفاع المنكر أن لا يقع من فاعله ولا يقصد إيقاع الضرر به. ويجري ذلك مجرى دفع الضرر عن النفس في أنه يحسن وإن أدى إلى الاضرار بغيره.
غير أن الظاهر من مذهب شيوخنا الإمامية أن هذا الضرب من الانكار لا يكون إلا للأئمة أو لمن يأذن له الإمام فيه، وكان المرتضى رضي الله عنه يخالف في ذلك ويجوز فعل ذلك بغير إذنه، قال: لأن ما يفعل بإذنهم يكون مقصودا، وهذا يخالف ذلك لأنه غير مقصود، وإنما القصد المدافعة والممانعة فإن وقع ضرر فهو غير مقصود.
ويمكن أن ينصر الأول بأن يقال: إذا كان طريق حسن المدافعة بالألم السمع فينبغي أن يدفعه على الوجه الذي قرره الشرع، وهو أن يقصد المدافعة دون نفس إيقاع الألم والقصد إلى إيقاع الألم بإذن الشرع فيه، فلا يجئ منه ما قاله.
ومن قال إن إنكار المنكر غير متعين، قال: يتعين في بعض الأحوال، لأن المقصود أن لا يقع هذا المنكر، فإذا تساوى الكل في حكم هذا الانكار فلا يكون الوجوب عاما لهم، فإذا قام به بعضهم سقط عن الباقين.
هذا إذا كان التمكن عاما في الجميع، فإن تعين الانكار في جماعة أو في