ومتى قالوا: يلزم من كل من صدق ما قلتموه يسمى مؤمنا وإن لم يترك شيئا من القبائح إلا ارتكبه ولا شيئا من الواجبات إلا تركه، وهذا شنيع من المقال.
قلنا: ذلك يقوله المرجئة، غير أن الذي نختاره أن يعتقد ذلك لئلا يوهم فيقول هو مؤمن بتصديقه بجميع ما وجب عليه فاسق بتركه ما يجب عليه من أفعال الجوارح فيعتد له الأمرين لئلا يوهم ارتفاع أحدهما إذا أطلقنا الآخر.
وما يتعلقون به من الظواهر تكلمنا عليه في شرح الجمل لا نطول بذكره ههنا.
وقول من قال من الزيدية أنه كافر نعمة. باطل، لأنه معترف بنعمة الله تعالى معتقد لها، فكيف يكون جاحدا.
وأما قول الحسن أنه منافق. باطل، لأن المنافق هو من أظهر خلاف ما في باطنه، ومن كان مظهرا للمعصية التي يستحق بها العقاب لا يكون منافقا.
وقول الخوارج واحتجاجهم على أن من يرتكب الكبيرة كافر بقوله " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " 1) مبني على القول بالعموم والذي بينا فساده. [ولنا أن نخص ذلك بما تقدم من الأدلة الموثقة] 2).
وقوله " فأنذرتكم نارا تلظى * لا يصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى " 3) يفيد نارا مخصوصة، ولذلك خص بها الذي كذب وتولى وهم المرتدون، فأما من كان كافرا ابتداءا فلا يدخل فيها.
وقوله " وجوه يومئذ مسفرة " إلى قوله " وجوه يومئذ عليها غبرة " 4) لا يمنع أن يكون هناك قسم ثالث وإن لم يكن منطوقا به ويكون عليها سمة أخرى.