وقيل: طريق وجوبهما هو العقل.
والذي يدل على الأول أنه لو وجبا عقلا لكان في العقل دليل على وجوبهما وقد سبرنا أدلة العقل فلم نجد فيها ما يدل على وجوبهما، ولا يمكن ادعاء العلم الضروري في ذلك لوجود الخلاف.
وأما ما يقع على وجه المدافعة فإنه يعلم وجوبه عقلا، [لما علمنا بالعقل وجوب دفع المضار عن النفس، وذلك لا خلاف فيه، وإنما الخلاف فيما عداه.
وكل وجه يدعى في وجوبه عقلا] 1) قد بينا فساده في شرح الجمل، وفيما ذكرناه كفاية.
ويقوى في نفسي أنهما يجبان عقلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما فيه من اللطف، ولا يكفي فيه العلم باستحقاق الثواب والعقاب، لأنا متى قلنا ذلك لزمنا أن تكون الإمامة ليست واجبة، بأن يقال: يكفي في العلم باستحقاق الثواب والعقاب وما زاد عليه في حكم الندب وليس بواجب فالأليق بذلك أنه واجب.
واختلفوا في كيفية وجوبه: فقال الأكثر أنهما من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وقال قوم هما من فروض الأعيان. وهو الأقوى عندي، لعموم آي القرآن والأخبار، كقوله تعالى " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " 2) وقوله " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " 3) وقوله في لقمان