" أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر " 1) في حكاية عن لقمان حين أوصى ابنه.
والأخبار أكثر من أن تحصى ويطول بذكرها الكتاب.
والمعروف على ضربين: واجب، وندب. فالأمر بالواجب واجب و المندوب مندوب، لأن الأمر لا يزيد على المأمور به نفسه. والمنكر لا ينقسم بل كله قبيح فالنهي عنه كله واجب.
والنهي عن المنكر له شروط ستة: أحدها أن يعلمه منكرا، وثانيها أن يكون هناك أمارة الاستمرار عليه، وثالثها أن يظن أن إنكاره مؤثر أو يجوزه، ورابعها ألا يخاف على نفسه، وخامسها ألا يخاف على ماله، وسادسها ألا يكون فيه مفسدة. [وإن اقتصرت على أربع شروط كان كافيا، لأنك إذا قلت لا يكون فيه مفسدة] 2) دخل فيه الخوف على النفس والمال لأن ذلك مفسدة.
وإنما اعتبرنا العلم بكونه منكرا لأنه إن لم يعلمه منكرا جوز أن يكون غير منكر، فيكون إنكاره قبيحا، فجرى مجرى الخبر في أنه لا يحسن إلا مع العلم بالمخبر، ومتى لم يعلم المخبر جوز أن يكون خبره كذبا، فلا يحسن منه الإخبار بذلك، وكذلك إنكار المنكر.
واعتبرنا الشرط الثاني لأن العرض بإنكار المنكر أن لا يقع في المستقبل فلا يجوز أن يتناول الماضي الذي وقع، لأن ذلك لا يصح ارتفاعه بعد وقوعه وإنما يصح أن يمنع مما لم يقع، فلا بد من أمارة على استمراره على فعل المنكر يغلب على ظنه معها وقوعه وإقدامه عليه، فيحصل الانكار للمنع من وقوعه. وإمارات الاستمرار معروفة بالعادة، ولا يجوز الانكار لتجويز وقوعه بلا أمارة، لأن ذلك