ما يسأل على ذلك في شرح الجمل، وفيما قلناه ههنا كفاية إنشاء الله.
فإن قيل: القول بجواز العفو يؤدي إلى أن لا يقام حد لا في السرقة ولا في الزنا على وجه العقوبة. وذلك ينافي قوله " جزاءا بما كسبا نكالا من الله " 1) وقوله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " 2) فبين أنه عذاب ونكال، ولو كان عقابا لبطل ذلك.
قلنا: لا يقطع أحد من السراق نكالا على وجه القطع والثبات، بل إنما يقطعه بشرط كونه مستحقا للعقاب، ومتى فرضنا العفو عنه قطعناه امتحانا ولا بد لكل أحد من ذلك، لأن شروط استحقاق العقاب ليست معلومة بالظاهر، لأنه يحتاج أن يكون السارق عاقلا والشبهة مرتفعة ولا أن يكون ثابتا فيما بينه وبين الله تعالى وأن يكون الشهود صادقين أو إقراره صحيحا، لأنه متى لم يحصل له ذلك أو بعضه فإنما يقطعه امتحانا وكذلك إذا فرضنا حصول العفو فإنما يقطعه امتحانا، ومتى فرضنا حصول جميع الشرائط وارتفاع العفو قطعناه عقوبة فلا بد من الشرط.
ولا يمكن القطع على إقامة الحد عقوبة على القطع والثبات إلا في الكفار وعلى ما بيناه من بطلان التحابط من كفره بعد إيمانه فإنه يدل على أن ما كان أظهره لم يكن إيمانا، لأنه لو كان إيمانا لاستحق عليه الثواب الدائم، وإذا كفر استحق على كفره العقاب الدائم بالاجماع وكان يجتمع الاستحقاقان، وذلك خلاف الإجماع.
فإذا علم بذلك أن ما أظهره لم يكن إيمانا ولا يمكن أن يقال لم لا يجوز أن يقال إنما أظهره من الكفر لم يكن كفرا ليسلم له الإيمان، لأن إظهار الإيمان ليس