الملائكة بسجود آدم تأديبا، وأمرهم بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم تقريبا والثاني: أن الصلاة على محمد عليه السلام دائمة إلى يوم القيامة، وأما سجود الملائكة لآدم عليه السلام ما كان إلا مرة واحدة الثالث: أن السجود لآدم إنما تولاه الملائكة، وأما الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم فإنما تولاها رب العالمين ثم أمر بها الملائكة والمؤمنين والرابع: أن الملائكة أمروا بالسجود لآدم لأجل أن نور محمد عليه السلام في جبهة آدم.
فإن قيل: إنه تعالى خص آدم بالعلم، فقال: * (وعلم آدم الأسماء كلها) * (البقرة: 31) وأما محمد عليه السلام فقال في حقه: * (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) * (الشورى: 52) وقال: * (ووجدك ضالا فهدى) * (الضحى: 7) وأيضا فمعلم آدم هو الله تعالى، قال: * (وعلم آدم الأسماء) * ومعلم محمد عليه السلام جبريل عليه السلام لقوله: * (علمه شديد القوى) * (النجم: 5).
والجواب: أنه تعالى قال في علم محمد صلى الله عليه وسلم: * (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) * (النساء: 113) وقال عليه السلام: " أدبني ربي فأحسن تأديبي " وقال تعالى: * (الرحمن علم القرآن) * (الرحمن: 2) وكان عليه السلام يقول: (أرنا الأشياء كما هي) وقال تعالى لمحمد عليه السلام: * (وقل رب زدني علما) * (طه: 114) وأما الجمع بينه وبين قوله تعالى: * (علمه شديد القوى) * فذاك بحسب التلقين، وأما التعليم فمن الله تعالى، كما أنه تعالى قال: * (قل يتوفاكم ملك الموت) * (السجدة: 11) ثم قال تعالى: * (الله يتوفى الأنفس حين موتها) * (الزمر: 42).
فإن قيل: قال نوح عليه السلام * (وما أنا بطارد المؤمنين) * (الشعراء: 114) وقال الله تعالى لمحمد عليه السلام: * (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) * (الأنعام: 52) وهذا يدل على أن خلق نوح أحسن.
قلنا: إنه تعالى قال: * (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) * (نوح: 1) فكان أول أمره العذاب، وأما محمد عليه السلام فقيل فيه: * (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * (الأنبياء: 107)، لقد جاءكم رسول من أنفسكم) * (التوبة: 128) إلى قوله: * (رؤوف رحيم) * فكان عاقبة نوح أن قال: * (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) * (نوح: 26) وعاقبة محمد عليه السلام الشفاعة * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) * (الإسراء: 79) وأما سائر المعجزات فقد ذكر في " كتب دلائل النبوة " في مقابلة كل واحد منها معجزة أفضل منها لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا الكتاب لا يحتمل أكثر مما ذكرناه، والله أعلم.
وأما قوله تعالى: * (منهم من كل الله) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: المراد منه من كلمه الله تعالى، والهاء تحذف كثيرا كقوله تعالى: * (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) * (الزخرف: 71).