تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٢١٦
كان أهل ذلك العصر متقدمين فيه وهو السحر، ومعجزات عيسى عليه السلام وهي إبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى، كانت كالشبيه بما كان أهل ذلك العصر متقدمين فيه، وهو الطب، ومعجزة محمد عليه السلام، وهي القرآن كانت من جنس البلاغة والفصاحة والخطب والأشعار، وبالجملة فالمعجزات متفاوتة بالقلة والكثرة، وبالبقاء وعدم البقاء، وبالقوة وعدم القوة، وفيه وجه ثالث، وهو أن يكون المراد بتفاوت الدرجات ما يتعلق بالدنيا، وهو كثرة الأمة والصحابة وقوة الدولة، فإذا تأملت الوجوه الثلاثة علمت أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان مستجمعا للكل فمنصبه أعلى ومعجزاته أبقى وأقوى وقومه أكثر ودولته أعظم وأوفر.
القول الثاني: أن المراد بهذه الآية محمد عليه السلام، لأنه هو المفضل على الكل، وإنما قال: * (ورفع بعضهم درجات) * على سبيل التنبيه والرمز كمن فعل فعلا عظيما فيقال له: من فعل هذا فيقول أحدكم أو بعضكم ويريد به نفسه، ويكون ذلك أفخم من التصريح به، وسئل الحطيئة عن أشعر الناس، فذكر زهيرا والنابغة، ثم قال: ولو شئت لذكرت الثالث أراد نفسه، ولو قال: ولو شئت لذكرت نفسي لم يبق فيه فخامة.
فإن قيل: المفهوم من قوله: * (ورفع بعضهم درجات) * هو المفهوم من قوله: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * فما الفائدة في التكرير؟ وأيضا قوله: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * كلام كلي، وقوله بعد ذلك: * (منهم من كلم الله) * شروع في تفصيل تلك الجملة، وقوله بعد ذلك: * (ورفع بعضهم درجات) * إعادة لذلك الكلي، ومعلوم أن إعادة الكلام بعد الشروع في تفصيل جزئياته يكون مستدركا.
والجواب: أن قوله: * (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) * يدل على إثبات تفضيل البعض على البعض، فأما أن يدل على أن ذلك التفضيل حصل بدرجات كثيرة أو بدرجات قليلة فليس فيه دلالة عليه فكان قوله: * (ورفع بعضهم درجات) * فيه فائدة زائدة فلم يكن تكريرا.
أما قوله تعالى: * (وآتينا عيسى ابن مريم البينات) * ففيه سؤالات:
السؤال الأول: أنه تعالى قال في أول الآية: * (فضلنا بعضهم على بعض) * ثم عدل عن هذا النوع من الكلام إلى المغايبة فقال: * (منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) * ثم عدل من المغايبة إلى النوع الأول فقال: * (وآتينا عيسى بن مريم البينات) * فما الفائدة في العدول عن المخاطبة إلى المغايبة ثم عنها إلى المخاطبة مرة أخرى؟.
والجواب: أن قوله: * (منهم من كلم الله) * أهيب وأكثر وقعا من أن يقال منهم من كلمنا،
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220