تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٢٢١
المسألة الرابعة: المقصود من الآية أن الإنسان يجئ وحده، ولا يكون معه شيء مما حصله في الدنيا، قال تعالى: * (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم) * (الأنعام: 94) وقال: * (ونرثه ما يقول ويأتينا فردا) * (مريم: 80).
أما قوله: * (لا بيع فيه) * ففيه وجهان الأول: أن البيع ههنا بمعنى الفدية، كما قال: * (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية) * (الحديد: 15) وقال: * (ولا يقبل منها عدل) * (البقرة: 123) وقال: * (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) * (الأنعام: 7) فكأنه قال: من قبل أن يأتي يوم لا تجارة فيه فتكتسب ما تفتدي به من العذاب والثاني: أن يكون المعنى: قدموا لأنفسكم من المال الذي هو في ملككم قبل أن يأتي اليوم الذي لا يكون فيه تجارة ولا مبايعة حتى يكتسب شيء من المال.
أما قوله: * (ولا خلة) * فالمراد المودة، ونظيره من الآيات قوله تعالى: * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) * (الزخرف: 67) وقال: * (وتقطعت بهم الأسباب) * (البقرة: 166) وقال: * (ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) * (العنكبوت: 25) وقال حكاية عن الكفار: * (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) * (الشعراء: 100) وقال: * (وما للظالمين من أنصار) * (البقرة: 270) وأما قوله: * (ولا شفاعة) * يقتضي نفي كل الشفاعات.
واعلم أن قوله: * (ولا خلة ولا شفاعة) * عام في الكل، إلا أن سائر الدلائل دلت على ثبوت المودة والمحبة بين المؤمنين، وعلى ثبوت الشفاعة للمؤمنين، وقد بيناه في تفسير قوله تعالى: * (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) * (البقرة: 281) * (لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة) * (البقرة: 48).
واعلم أن السبب في عدم الخلة والشفاعة يوم القيامة أمور أحدها: أن كل أحد يكون مشغولا بنفسه، على ما قال تعالى: * (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغبيه) * (عبس: 37) والثاني: أن الخوف الشديد غالب على كل أحد، على ما قال: * (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) * (الحج: 2) والثالث: أنه إذا نزل العذاب بسبب الكفر والفسق صار مبغضا لهذين الأمرين، وإذا صار مبغضا لهما صار مبغضا لمن كان موصوفا بهما.
أما قوله تعالى: * (والكافرون هم الظالمون) * فنقل عن عطاء بن يسار أنه كان يقول: الحمد لله الذي قال: * (والكافرون هم الظالمون) * ولم يقل الظالمون هم الكافرون، ثم ذكروا في تأويل هذه الآية وجوها أحدها: أنه تعالى لما قال: * (ولا خلة ولا شفاعة) * أوهم ذلك نفي الخلة والشفاعة مطلقا، فذكر تعالى عقيبه: * (والكافرون هم الظالمون) * ليدل على أن ذلك النفي مختص بالكافرين، وعلى هذا التقدير تصير الآية دالة على إثبات الشفاعة في حق الفساق، قال القاضي: هذا التأويل غير صحيح لأن قوله: * (والكافرون هم الظالمون) * كلام مبتدأ فلم يجب تعليقه بما تقدم.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 2
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 3
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 4
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 7
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 8
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 9
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 11
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 16
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 18
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 19
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 23
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 27
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 28
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 30
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 40
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 42
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 50
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 50
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 53
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 57
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 66
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 75
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 79
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 81
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 85
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 91
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 99
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 101
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 102
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 105
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 107
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 111
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 115
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 117
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 124
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 128
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 129
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 132
39 عدة الوفاة 133
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 133
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 138
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 142
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 144
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 150
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 155
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 168
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 172
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 172
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 176
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 177
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 177
52 قصة طالوت 181
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 181
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 184
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 187
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 191
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 197
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 200
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 201
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 207
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 215
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 218
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 220