الشهادة وفي الأذان وفي التشهد ولم يكن ذكر سائر الأنبياء كذلك.
الحجة الثالثة: أنه تعالى قرن طاعته بطاعته، فقال: * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * (النساء: 80) وبيعته ببيعته فقال: * (إن الذين يبايعون إنما يبايعونك الله يد الله فوق أيديهم) * (الفتح: 10) وعزته بعزته فقال: * (ولله العزة ولرسوله) * (المنافقون: 8) ورضاه برضاه فقال: * (والله ورسوله أحق أن يرضوه) * (التوبة: 62) وإجابته بإجابته فقال: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول) * (الأنفال: 24).
الحجة الرابعة: أن الله تعالى أمر محمدا بأن يتحدى بكل سورة من القرآن فقال: * (فأتوا بسورة من مثله) * (البقرة: 23) وأقصر السور سورة الكوثر وهي ثلاث آيات، وكان الله تحداهم بكل ثلاث آيات من القرآن، ولما كان كل القرآن ستة آلاف آية، وكذا آية، لزم أن لا يكون معجز القرآن معجزا واحدا بل يكون ألفي معجزة وأزيد.
وإذا ثبت هذا فنقول: إن الله سبحانه ذكر تشريف موسى بتسع آيات بينات، فلأن يحصل التشريف لمحمد بهذه الآيات الكثيرة كان أولى.
الحجة الخامسة: أن معجزة رسولنا صلى الله عليه وسلم أفضل من معجزات سائر الأنبياء فوجب أن يكون رسولنا أفضل من سائر الأنبياء.
بيان الأول قوله عليه السلام: " القرآن في الكلام كآدم في الموجودات ".
بيان الثاني أن الخلعة كلما كانت أشرف كان صاحبها أكرم عند الملك.
الحجة السادسة: أن معجزته عليه السلام هي القرآن وهي من جنس الحروف والأصوات وهي أعراض غير باقية وسائر معجزات سائر الأنبياء من جنس الأمور الباقية ثم إنه سبحانه جعل معجزة محمد صلى الله عليه وسلم باقية إلى آخر الدهر، ومعجزات سائر الأنبياء فانية منقضية.
الحجة السابعة: أنه تعالى بعد ما حكى أحوال الأنبياء عليهم السلام قال: * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * (الأنعام: 90) فأمر محمدا صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بمن قبله، فإما أن يقال: إنه كان مأمورا بالاقتداء بهم في أصول الدين وهو غير جائز لأنه تقليد، أو في فروع الدين وهو غير جائز، لأن شرعه نسخ سائر الشرائع، فلم يبق إلا أن يكون المراد محاسن الأخلاق، فكأنه سبحانه قال: إنا أطلعناك على أحوالهم وسيرهم، فاختر أنت منها أجودها وأحسنها وكن مقتديا بهم في كلها، وهذا يقتضي أنه اجتمع فيه من الخصال المرضية ما كان متفرقا فيهم، فوجب أن يكون أفضل منهم.
الحجة الثامنة: أنه عليه السلام بعث إلى كل الخلق وذلك يقتضي أن تكون مشقته أكثر، فوجب أن يكون أفضل، أما إنه بعث إلى كل الخلق فلقوله تعالى: * (وما أرسلناك إلا كافة للناس) * (سبأ: 28) وأما