لأن خطبته إياها ربما صارت سببا لتشويش الأمر على زوجها من حيث أنها إذا علمت رغبة الخاطب فربما حملها ذلك على الامتناع من تأدية حقوق الزوج، والتسبب إلى هذا حرام، وكذا الرجعة فإنها في حكم المنكوحة، بدليل أنه يصح طلاقها وظاهرها ولعانها، وتعتد منه عدة الوفاة، ويتوارثان.
القسم الثالث: أن يفصل في حقها بين التعريض والتصريح وهي المعتدة غير الرجعية وهي أيضا على ثلاثة أقسام: القسم الأول: التي تكون في عدة الوفاة فتجوز خطبتها تعريضا لا تصريحا، أما جواز التعريض فلقوله تعالى: * (لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) * وظاهره أنه للمتوفى عنها زوجها، لأن هذه الآية مذكورة عقيب تلك الآية، أما أنه لا يجوز التصريح، فقال الشافعي: لما خصص التعريض بعدم الجناح وجب أن يكون التصريح بخلافه، ثم المعنى يؤكد ذلك، وهو أن التصريح لا يحتمل غير النكاح، فلا يؤمن أن يحملها الحرص على النكاح على الإخبار عن انقضاء العدة قبل أوانها بخلاف التعريض فإنه يحتمل غير ذلك فلا يدعوها ذلك إلى الكذب.
القسم الثاني: المعتدة عن الطلاق الثلاث، قال الشافعي رحمه الله في " الأم ": ولا أحب التعريض لخطبتها، وقال في " القديم " و " الإملاء ": يجوز لأنها ليست في النكاح، فأشبهت المعتدة عن الوفاة وجه المنع هو أن المعتدة عن الوفاة يؤمن عليها بسبب الخطبة الخيانة في أمر العدة فإن عدتها تنقضي بالأشهر أما ههنا تنقضي عدتها بالأقراء فلا يؤمن عليها الخيانة بسبب رغبتها في هذا الخاطب وكيفية الخيانة هي أن تخبر بانقضاء عدتها قبل أن تنقضي.
القسم الثالث: البائن التي يحل لزوجها نكاحها في عدتها، وهي المختلعة والتي انفسخ نكاحها بعيب أو عنة أو إعسار نفقته فههنا لزوجها التعريض والتصريح؛ لأنه لما كان له نكاحها في العدة فالتصريح أولى وأما غير الزوج فلا شك في أنه لا يحل له التصريح وفي التعريض قولان أحدهما: يحل كالمتوفى عنها زوجها والمطلقة ثلاثا والثاني: وهو الأصح أنه لا يحل لأنها معتدة تحل للزوج أن ينكحها في عدتها فلم يحل التعريض لها كالرجعية.
المسألة الثالثة: قال الشافعي: والتعريض كثير، وهو كقوله: رب راغب فيك، أو من يجد مثلك؟ أو لست بأيم وإذا حللت فأدريني، وذكر سائر المفسرين من ألفاظ التعريض: إنك لجميلة وإنك لصالحه، وإنك لنافعه، وإن من عزمي أن أتزوج، وإني فيك لراغب.
أما قوله تعالى: * (أو أكننتم في أنفسكم) * فاعلم أن الإكنان الإخفاء والستر قال الفراء: