المسألة الأولى: أصل الحول من حال الشيء يحول إذا انقلب فالحول منقلب من الوقت الأول إلى الثاني، وإنما ذكر الكمال لرفع التوهم من أنه على مثل قولهم أقام فلان بمكان كذا حولين أو شهرين، وإنما أقام حولا وبعض الآخر، ويقولون: اليوم يومان مذ لم أره، وإنما يعنون يوما وبعض اليوم الآخر.
المسألة الثانية: اعلم أنه ليس التحديد بالحولين تحديد إيجاب ويدل عليه وجهان الأول: أنه تعالى قال بعد ذلك: * (لمن أراد أن يتم الرضاعة) * فلما علق هذا الإتمام بإرادتنا ثبت أن هذا الإتمام غير واجب الثاني: أنه تعالى قال: * (فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما) * فثبت أنه ليس المقصود من ذكر هذا التحديد إيجاب هذا المقدار، بل فيه وجوه الأول: وهو الأصح أن المقصود منه قطع التنازع بين الزوجين إذا تنازعا في مدة الرضاع، فقدر الله ذلك بالحولين حتى يرجعا إليه عند وقوع التنازع بينهما، فإن أراد الأب أن يفطمه قبل الحولين ولم ترض الأم لم يكن له ذلك، وكذلك لو كان على عكس هذا فأما إذا اجتمعا على أن يفطما الولد قبل تمام الحولين فلهما ذلك.
الوجه الثاني: في المقصود من هذا التحديد هو أن للرضاع حكما خاصا في الشريعة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " والمقصود من ذكر هذا التحديد بيان أن الارتضاع ما لم يقع في هذا الزمان، لا يفيد هذا الحكم، هذا هو مذهب الشافعي رضي الله عنه، وهو قول علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعلقمة والشعبي والزهري رضي الله عنهم، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: مدة الرضاع ثلاثون شهرا.
حجة الشافعي رضي الله عنه من وجوه:
الحجة الأولى: أنه ليس المقصود من قوله: * (لمن أراد أن يتم الرضاعة) * هو التمام بحسب حاجة الصبي إلى ذلك، إذ من المعلوم أن الصبي كما يستغني عن اللبن عند تمام الحولين، فقد يحتاج إليه بعد الحولين لضعف في تركيبه لأن الأطفال يتفاوتون في ذلك، وإذا لم يجز أن يكون المراد بالتمام هذا المعنى، وجب أن يكون المراد هو الحكم المخصوص المتعلق بالرضاع، وعلى هذا التقدير تصير الآية دالة على أن حكم الرضاع لا يثبت إلا عند حصول الإرضاع في هذه المدة.
الحجة الثانية: روي عن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا رضاع بعد فصال " وقال تعالى: * (وفصاله في عامين) * (لقمان: 14).
الحجة الثالثة: ما روى ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحرم من