أو يدعى أنه كان راجعها في العقدة، أو يدس إلى من يخطبها بالتهديد والوعيد، أو يسئ القول فيها وذلك بأن ينسبها إلى أمور تنفر الرجل عن الرغبة فيها، فالله تعالى نهى الأزواج عن هذه الأفعال وعرفهم أن ترك هذه الأفعال أزكى لهم وأطهر من دنس الآثام (الحجة الثالثة لهم) قالوا قوله تعالى (أن ينكحن أزواجهن) معناه: ولا منعوهن من أن ينكحن الذين كانوا أزواجا لهن قبل ذلك، وهذا الكلام لا ينتظم إلا إذا جعلنا الآية خطايا للأولياء، لانهم كانوا يمنعونهن من العود إلى الذين كانوا أزواجا لهن قبل ذلك، فاما إذا جعلنا الآية خطابا للأزواج، فهذا الكلام لا يصح، ويمكن أن يجاب عنه بأن معنى قوله (ينكحن أزواجهن) من يريدون أن يتزوجوهن، فيكونون أزواجا، والعرب قد تسمى الشئ باسم ما يؤول إليه، فهذا جملة الكلام في هذا الباب.
(المسألة الرابعة) تمسك الشافعي رضي الله عنه بهذه الآية في بيان أن النكاح بغير ولى لا يجوز وبنى ذلك الاستدلال على أن الخطاب في هذه الآية مع الأولياء، قال: وإذا ثبت هذا وجب أن يكون التزويج إلى الأولياء لا إلى النساء، لأنه لو كان للمرأة أن تتزوج بنفسها، أو توكل من يزوجها لما كان الولي قادرا على عضلها من النكاح، ولو لم يقدر الولي على هذا العضل لما نهاه الله عز وجل عن العضل، وحيث نهى عن العضل كان قدرا على العضل، وإذا كان الولي قادرا على العضل، وجب أن لا تكون المرأة متمكنة من النكاح، واعلم أن هذا الاستدلال بناء على أن هذا الخطاب مع الأولياء، وقد تقدم ما فيه من المباحث، ثم إن سلمنا هذه المقدمة لكن لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله (ولا تعضلوهن) أن يخليها ورأيها في ذلك، وذلك لان الغالب في النساء الأيامى أن يركن إلى رأى الأولياء في باب النكاح، وإن كان الاستدلال الشرعي لهن، وإن يكن تحت تدبيرهم ورأيهم، وحينئذ يكونون متمكنين من منعهن لتمكنهم من تزويجهن، فيكون النهى محمولا على هذا الوجه، وهو منقول عن ابن عباس في تفسير الآية، وأيضا فثبوت العضل في حق الولي ممتنع، لأنه مهما عضل لا يبقى لعضله أثر، وعلى هذا الوجه فصدور العضل عنه غير معتبر، وتمسك أبو حنيفة رضي الله عنه بقوله تعالى (أن ينكحن أزواجهن) على أن النكاح بغير ولى جائز، وقاله انه تعالى أضاف النكاح إليها إضافة الفعل إلى فاعله، والتصرف إلى مباشرة ونهى الولي عن منعها من ذلك، ولو كان ذلك التصرف فاسدا لما نهى الولي عن منعها منه، قالوا: وهذا النص متأكد بقوله تعالى (حتى تنكح زوجا غيره) وبقوله (فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف وتزويجها نفسها من الكف، فعل بالمعروف، فوجب أن يصح وحقيقة هذه الإضافة على