وقد روى البخاري في أفراده من حديث ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، في تاسعة تبقى، أو سابعة تبقى، أو في خامسة تبقى ". وفي حديث أبي بكرة قال: ما أنا بملتمسها لشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا في العشر الأواخر، فإني سمعته يقول: " التمسوها في تسع يبقين، أو سبع يبقين، أو خمس يبقين، أو ثلاث يبقين، أو ثلاث أو آخر ليلة ".
والقول الثاني: أنها في جميع رمضان، قاله الحسن البصري.
واختلف القائلون بأنها في العشر الأواخر هل تختص ليالي الوتر دون الشفع؟ على قولين.
أحدهما: أنها تختص الأفراد، قاله الجمهور. والأحاديث الصحاح كلها تدل عليه. وقد أخرج البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ابتغوها في العشر الأواخر في الوتر منها.
والثاني: أنها تكون في الشفع كما تكون في الوتر، قاله الحسن. وروي عن الحسن ومالك ابن أنس قالا: هي ليلة ثماني عشرة.
واختلف القائلون بأنها في الأفراد في أخص الليالي بها على خمسة أقوال:
أحدها: أن الأخص بها ليلة إحدى وعشرين. فروى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث أبي سعيد الخدري قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط واعتكفنا معه، فلما أصبحنا صبيحة عشرين رجع، ورجعنا معه، وأرى ليلة القدر، ثم أنسيها، فقال: " إني رأيت ليلة القدر، ثم أنسيتها وأراني أسجد في ماء وطين، فمن اعتكف فليرجع إلى معتكفه، وهاجت علينا السماء آخر تلك العشية، وكان سقف المسجد عريشا من جريد، فوكف [المسجد] فوالذي أكرمه، وأنزل عليه الكتاب لرأيته يصلي بنا المغرب ليلة إحدى وعشرين، وإن جبهته وأرنبة أنفه لفي الماء والطين، وهذا مذهب الشافعي.
والثاني: أن الأخص بها ليلة ثلاث وعشرين. وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة ثلاث وعشرين: " اطلبوها الليلة ".
وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من كان منكم يريد أن يقوم من الشهر شيئا فليقم ليلة ثلاث وعشرين ".