قوله [عز وجل]: (وتلك حدود الله) يعني: ما ذكر من الأحكام (ومن يتعد حدود الله) التي بينها، وأمر بها (فقد ظلم نفسه) أي: أثم فيما بينه وبين الله تعالى (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) أي: يوقع في قلب الزوج المحبة لرجعتها بعد الطلقة والطلقتين. وهذا يدل على أن المستحب في الطلاق تفريقه، وأن لا يجمع الثلاث.
فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بلغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا (3) قوله [عز وجل]: (فإذا بلغن أجلهن) أي: قاربن انقضاء العدة (فأمسكوهن بمعروف) وهذا مبين في البقرة (وأشهدوا ذوي عدل منكم) قال المفسرون: أشهدوا على الطلاق، أو المراجعة. واختلف العلماء: هل الإشهاد على المراجعة واجب، أم مستحب؟
وفيه عن أحمد روايتان، وعن الشافعي قولان ثم قال للشهداء: (وأقيموا الشهادة لله) أي:
اشهدوا بالحق، وأدوها على الصحة، طلبا لمرضاة الله تعالى، وقياما بوصيته. وما بعده قد سبق بيانه إلى قوله [تعالى]: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) فذكر [أكثر] المفسرين أنها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، أسر العدو ابنا له، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وشكا [إليه] الفاقة، فقال: اتق الله، واصبر، وأكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ففعل الرجل