يكون عنى أن يستوي ثباتهم في حرب عدوهم حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص.
وللمفسرين في المراد ب " المرصوص " قولان:
أحدهما: أنه الملتصق بعضه ببعض، فلا يرى فيه خلل لإحكامه، قاله الأكثرون.
والثاني: أنه المبني بالرصاص، وإلى نحو هذا ذهب الفراء، وكان أبو بحرية يقول: كانوا يكرهون القتال على الخيل، ويستحبون القتال على الأرض لهذه الآية اسم أبي بحرية: عبد الله بن قيس التراغمي، يروي عن معاذ، وكأنه أشار بذلك إلى أن الفرسان لا يصطفون في الغالب إنما يصطف الرجالة.
وإذ قال موسى لقومه يقوم لم تؤذونني وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين (5) وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين (6) ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين (7) يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون (8) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (9) قوله [عز وجل]: (وإذ قال موسى) المعنى: أذكر لمن يؤذيك من المنافقين ما صنعته بالذين آذوا موسى. وقد ذكرنا ما آذوا به موسى في الأحزاب.
قوله [عز وجل]: (فلما زاغوا) أي: مالوا عن الحق (أزاغ الله قلوبهم) أي: أمالها عن الحق جزاء لما ارتكبوه، وما بعد هذا ظاهر إلى قوله [عز وجل] (يأتي من بعدي) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم " من بعدي اسمه " بفتح الياء. وقرأ ابن عامر، وحمزة،