رقبته. فقال له: ها هو ذاك يصلي. فانطلق ليطأ على رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، فأتوه، فقالوا: مالك يا أبا الحكم فقال: إن بيني وبينه خندقا من نار، وهولا وأجنحة. وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا "، فأنزل الله تعالى: (أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى) إلى آخر السورة. وقال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا؟! فانصرف إليه النبي صلى الله عليه وسلم فزبره، فقال أبو جهل: والله إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني، فأنزل الله تعالى: (فليدع ناديه سندع الزبانية) قال ابن عباس: والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله.
قال المفسرون: والمراد بالعبد هاهنا: محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: كانت الصلاة صلاة الظهر.
قوله [عز وجل]: (أرأيت إن كان على الهدى) يعني المنهي وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله [عز وجل]: (أرأيت إن كذب وتولى) يعني: الناهي، وهو أبو جهل، قال الفراء:
والمعنى: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى، وهو كاذب متول عن الذكر، وأي شئ أعجب من هذا؟! وقال ابن الأنباري: تقديره: أرأيته مصيبا.
قوله [عز وجل]: (ألم يعلم) يعني أبا جهل (بأن الله يرى) ذلك فيجازيه (كلا) أي: لا يعلم ذلك (لئن لم ينته) عن تكذيب محمد وشتمه وإيذائه (لنسفعا بالناصية) السفع: الأخذ، والناصية: مقدم شعر الرأس. قال أبو عبيدة: يقال: سفعت بيدي، أي: أخذت بها. وقال الزجاج:
يقال: شفعت الشئ: إذا قبضت عليه وجذبته جذبا شديدا. والمعنى: لنجرن ناصيته إلى النار.
قوله [عز وجل]: (ناصية) قال أبو عبيدة: هي بدل، فلذلك جرها. قال الزجاج:
والمعنى: بناصية صاحبها كاذب خاطئ، كما يقال نهاره صائم، وليله قائم، أي: هو صائم في