قوله [عز وجل]: (تنزل الملائكة) قال أبو هريرة: الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصا. وفي " الروح " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه جبريل، قاله الأكثرون. وفي حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل.
والثاني: أن الروح: طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة ينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر، قاله كعب، ومقاتل بن حيان.
والثالث: أنه ملك عظيم يفي بخلق من الملائكة، قاله الواقدي.
قوله [عز وجل]: (فيها) أي: في ليلة القدر (بإذن ربهم) أي بأمر ربهم، أي: بما أمر به وقضاه (من كل أمر) قال ابن قتيبة: أي: بكل أمر. قال المفسرون: يتنزلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة إلى قابل. وقرأ ابن عمر، وابن عباس وأبو العالية، وأبو عمرو الجوني " من كل امرئ " بكسر الراء وبعدها همزة مكسورة منونة، وبوصل اللام من غير همز. ولهذه القراءة وجهان.
أحدهما: من كل ملك سلام.
والثاني: أن تكون " من " بمعنى " على " تقديره: على كل أمر من المسلمين سلام من الملائكة، كقوله [عز وجل]: (ونصرناه من القوم الذين كذبوا) والقراءة الموافقة لخط المصحف هي الصواب. ويكون تمام الكلام عند قوله [عز وجل] " من كل أمر " ثم ابتدأ فقال [عز وجل]:
(سلام هي) أي: ليلة القدر سلام وفي معنى السلام قولان:
أحدهما: أنه لا يحدث فيها داء ولا يرسل فيها شيطان، قاله مجاهد.
والثاني: أن معنى السلام: الخير والبركة، قاله قتادة. وكان بعض العلماء يقول: الوقف على " سلام " على معنى تنزل الملائكة بالسلام.
قوله [عز وجل]: (حتى مطلع الفجر) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة " مطلع " بفتح اللام. وقرأ الكسائي بكسرها. قال الفراء: والفتح أقوى في قياس العربية، لأن المطلع بالفتح: الطلوع، وبالكسر: الموضع الذي تطلع منها، إلا أن العرب تقول: طلعت الشمس مطلعا، بالكسر، وهم يريدون المصدر، كما تقول: أكرمنك كرامة، فتجتزئ محمد بالاسم من المصدر. وقد شرحنا هذا المعنى في " الكهف " عند قوله عز وجل: (مطلع الشمس). شرحا كافيا، ولله الحمد.