والهاء في " إنا أنزلناه " كناية عن غير مذكور. وقال الزجاج: قد جرى ذكره في قوله [عز وجل]: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) فأما (ليلة القدر) ففي تسميتها بذلك خمسة أقوال:
أحدها: أن القدر: العظمة، من قولك: لفلان قدر، قاله الزهري. ويشهد له قوله [عز وجل]: (وما قدروا الله حق قدره) والثاني: أنه من الضيق، أي: هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون، قاله الخليل بن أحمد، ويشهد له [قوله]: (ومن قدر عليه رزقه).
والثالث: أن القدر: الحكم كأن الأشياء يقدر فيها، قاله ابن قتيبة.
والرابع: لأن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر، قاله أبو بكر الوراق.
والخامس: لأنه ينزل فيها كتاب ذو قدر، وتنزل فيها رحمة ذات قدر، وملائكة ذوو قدر، حكاه شيخنا علي بن عبيد الله.
فصل واختلف العلماء هل ليلة القدر باقية، أم كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة؟ والصحيح بقاؤها.
وهل هي في جميع السنة، أم في رمضان؟ فيه قولان:
أحدهما: في رمضان، قاله الجمهور وأكثر الأحاديث الصحاح تدل عليه. وقد روى البخاري في افراده من حديث ابن عباس عليه السلام أنه قال: التمسوها في العشر الأواخر من رمضان.
والثاني: في جميع السنة، قاله ابن مسعود.
واختلف القائلون بأنها في شهر رمضان هل تختص دون بعض؟ على قولين.
أحدهما: أنها في العشر الأواخر، قاله الجمهور، وأكثر الأحاديث الصحاح تدل عليه.