أحدهما: أنهم لا يشكرون، قاله مقاتل: والثاني: انهم يشركون قليلا، قاله أبو عبيدة.
قوله [عز وجل]: (ذرأكم في الأرض) [أي]: خلقكم (ويقولون متى هذا الوعد) يعنون الوعد: بالعذاب (فلما رأوه زلفة) أي: رأوا العذاب قريبا منهم (سيئت وجوه الذين كفروا) قال الزجاج: أي: تبين فيها السوء. وقال غيره: قبحت بالسواد (وقيل هذا الذي كنتم به تدعون) فيه قولان:
أحدهما: أن " تدعون " بالتشديد، بمعنى تدعون بالتخفيف، وهو " تفتعلون " من الدعاء.
يقال: دعوت، وادعيت، كما يقال: خبرت واختبرت، ومثله: يدكرون، ويدكرون، هذا قول الفراء، وابن قتيبة.
والثاني: أن المعنى: هذا الذي كنتم من أجله تدعون الأباطيل والأكاذيب، تدعون أنكم إذا متم لا تبعثون؟! وهذا اختيار الزجاج. وقرأ أبو رزين، والحسن، وعكرمة، وقتادة والضحاك، وابن أبي عبلة، ويعقوب: " تدعون " بتخفيف الدال، وسكونها، بمعنى تفعلون من الدعاء. وقال قتادة:
كانوا يدعون بالعذاب.
قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم (28) قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلل مبين (29) قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين (30) قوله [عز وجل]: (قل أرأيتم إن أهلكني الله) بعذاب (ومن معي) من المؤمنين. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: " معي " بفتح الياء. وقرأ أبو بكر عن عاصم، والكسائي: " معي " بالإسكان (أو رحمنا) فلم يعذبنا (فمن يجير الكافرين) أي يمنعهم ويؤمنهم (من عذاب أليم) ومعنى الآية: إنا مع إيماننا، بين الخوف والرجاء: فمن يجيركم مع كفركم من العذاب؟! أي: لأنه لا رجاء لكم كرجاء المؤمنين (قل هو الرحمن) الذي نعبد (فستعلمون) وقرأ الكسائي: " فسيعلمون " بالياء عند معاينة العذاب من الضال نحن أم أنتم.
قوله [عز وجل]: (إن أصبح ماؤكم غورا) قد بيناه في الكهف (فمن يأتيكم بماء معين؟!) أي: بماء ظاهر تراه العيون، وتناله الأرشية.