ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (8) قوله [عز وجل]: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) يعني اليهود والنصارى (والمشركين) أي: ومن المشركين، وهم عبدة الأوثان (منفكين) أي: منفصلين وزائلين - يقال:
فككت الشئ، فانفك، أي: انفصل - والمعنى: لم يكونوا زائلين عن كفرهم وشركهم (حتى تأتيهم) أي: أتتهم، فلفظه لفظ المستقبل، ومعناه الماضي. و (البينة) الرسول، وهو محمد صلى الله عليه وسلم وذلك أنه بين لهم ضلالهم وجهلهم. وهذا بيان عن نعمة الله على من آمن من الفريقين إذ أنقذهم. وذهب بعض المفسرين إلى أن معنى الآية: لم يختلفوا أن الله يبعث إليهم نبيا حتى بعث فافترقوا. وقال بعضهم: لم يكونوا ليتركوا منفكين عن حجج الله حتى أقيمت عليهم البينة والوجه هو الأول. والرسول هاهنا محمد صلى الله عليه وسلم. ومعنى (يتلو صحفا) أي: ما تضمنته الصحف من المكتوب فيها، وهو القرآن. ويدل على ذلك أنه كان يتلو القرآن عن ظهر قلبه لا من كتاب. ومعنى " مطهرة " أي: من الشرك والباطل. (فيها) أي: في الصحف (كتب قيمة) أي: عادلة مستقيمة تبين الحق من الباطل، وهي الآيات. قال مقاتل: وإنما قيل لها: كتب لما جمعت من أمور شتى.
قوله [عز وجل]: (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) يعني: من لم يؤمن منهم (إلا من بعد ما جاءتهم البينة) وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه محمد صلى الله عليه وسلم. والمعنى: لم يزالوا مجتمعين على الإيمان به حتى بعث، قاله الأكثرون.
والثاني: القرآن، قاله أبو العالية.
والثالث: ما في كتبهم من بيان نبوته، ذكره الماوردي. وقال الزجاج: وما تفرقوا في كفرهم بالنبي إلا من بعد أن تبينوا أنه الذي وعدوا به في كتبهم.