القرآن الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم (آمنا به) أي: صدقنا أنه من عند الله عز وجل (فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا) أي: نقصا من الثواب (ولا رهقا) أي: ولا ظلما ومكروها يغشاه (وأنا منا المسلمون) قال مقاتل: المخلصون لله (ومنا القاسطون) وهم المردة. قال ابن قتيبة:
القاسطون: الجائرون. يقال: قسط: إذا عدل، إذا جاور، وأقسط: إذا عدل. قال المفسرون:
هم الكافرون (فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا) أي: توخوه، وأموه. ثم انقطع كلام الجن.
قال مقاتل: ثم رجع إلى كفار مكة فقال [عز وجل]: (وأن لو استقاموا على الطريقة) يعني:
طريقة الهدى، وهذا قول ابن عباس، وسعيد بن المسيب، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والسدي، واختاره الزجاج. قال: لأن الطريقة ها هنا بالألف واللام معرفة، فالأوجب أن تكون طريقة الهدى. وذهب [قوم] إلى أن المراد بها: طريقة الكفر، قاله محمد بن كعب، والربيع، والفراء، وابن قتيبة، وابن كيسان. فعلى القول الأول يكون المعنى: لو آمنوا لوسعنا عليهم (لنفتنهم) أي: لنختبرهم (فيه) فننظر كيف شكرهم. والماء الغدق: الكثير. وإنما ذكر الماء مثلا، لأن الخير كله يكون بالمطر، فأقيم مقامه إذ كان سببه.
وعلى الثاني: يكون المعنى: لو استقاموا على الكفر فكانوا كفارا كلهم، لأكثرنا لهم المال لنفتنهم فيه عقوبة واستدراجا، وكان ثم نعذبهم على ذلك. وقيل: لأكثرنا لهم الماء فأغرقناهم، كقوم نوح قوله (ومن يعرض عن ذكر ربه) يعني: القرآن (يسلكه) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر " نسلكه " بالنون. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي بالياء. (عذابا صعدا) قال ابن قتيبة: أي: عذابا شاقا. يقال: تصعدني الأمر: إذا شق علي. ومنه قول عمر: ما تصعدني شئ ما تصعدتني خطبة النكاح. ونرى أصل هذا كله من الصعود، لأنه شاق، فكني به عن المشقات. وجاء في التفسير أنه جبل في النار يكلف صعوده، وسنذكره عند قوله [عز وجل]:
(سأرهقه صعودا) إن شاء الله تعالى.
وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (18) وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون