وروى مسلم في أفراده من حديث عبد الله بن أنيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أريت ليلة القدر، ثم نسيتها، وأراني صبيحتها أسجد في ماء وطين. قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه. قال: وكان عبد الله بن أنيس يقول: ليلة ثلاث وعشرين.
والثالث: ليلة خمس وعشرين وروى هذا المعنى أبو بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والرابع: ليلة سبع وعشرين، روى مسلم في أفراده من حديث ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان متحريا فليتحرها ليلة سبع وعشرين، يعني: ليلة القدر، وهذا مذهب علي وأبي بن كعب. وكان أبي يحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين، وبه قال ابن عباس، وعائشة، ومعاوية. واختاره أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
وروي ابن عباس: أنه استدل على ذلك بشيئين.
أحدهما: أنه قال: إن الله تعالى خلق الإنسان على سبعة أصناف، يشير إلى قوله [عز وجل] (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة) الآيات. ثم جعل رزقه في سبعة أصناف يشير إلى قوله [عز وجل]: (أنا صببنا الماء صبا) ثم يصلى الجمعة على رأس سبعة أيام. وجعل السماوات سبعا، والأرضين سبعا، والمثاني سبعا، فلا أرى ليلة القدر إلا ليلة السابعة.
والثاني: أنه قال: قوله [عز وجل]: (سلام) هي الكلمة السابعة والعشرون، فدل على أنها كذلك.
واحتج بعضهم فقال: ليلة القدر كررت في هذه السورة ثلاث مرات، وهي تسعة أحرف، والتسعة إذا كررت ثلاثا فهي سبع وعشرون، وهذا تنبيه على ذلك.
والقول الخامس: أن الأولى طلبها في أول ليلة من رمضان، قاله أبو رزين العقيلي.