قلت: إن ضاربك فظالم، لجاز، لأن تأويله: إن رجلا يضربك فظالم. وقال الزجاج: إنما جاز دخول الفاء، لأن في الكلام معنى الشرط والجزاء. ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله [عز وجل]: " تفرون منه " كأنه قيل: إن فررتم أي من موت كان من قتل أو غيره " فإنه ملاقيكم " وتكون " فإنه " استئنافا بعد الخبر الأول.
يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (9) فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (10) قوله [عز وجل]: (إذا نودي للصلاة) وهذا هو النداء الذي ينادى به إذا جلس الإمام على المنبر، [ولم يكن في عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] نداء سواه، كان إذا جلس على المنبر] أذن بلال على باب المسجد، وكذلك كان على عهد أبي بكر، وعمر، فلما كثر الناس على عهد عثمان أمر بالتأذين الأول على دار له بالسوق، يقال لها: " الزوراء " وكان إذا جلس أذن أيضا.
قوله [عز وجل]: (للصلاة) أي: لوقت الصلاة. وفي " الجمعة " ثلاث لغات. ضم الجيم والميم، وهي قراءة الجمهور. وضم الجيم مع إسكان الميم، وبها قرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رجاء، وعكرمة، والزهري، وابن أبي ليلى، وابن أبي عبلة، والأعمش. وبضم الجيم مع فتح الميم، وبها قرأ أبو مجلز، وأبو العالية، والنخعي، وعدي بن الفضل عن أبي عمرو. قال الزجاج:
من قرأ بتسكين الميم، [فهو تخفيف الجمعة لثقل الضمتين. وأما فتح الميم]، فمعناها: الذي يجمع الناس، كما تقول: رجل لعنة: يكثر لعنه الناس، وضحكة: يكثر الضحك. وفي تسمية هذا اليوم بيوم الجمعة ثلاثة أقوال:
أحدها: انه فيه جمع آدم. روى سلمان قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدري ما الجمعة؟ " قلت: لا. قال: " فيه جمع أبوك "، يعني: تمام خلقه في يوم الجمعة.