وقوله: فافسحوا يقول: فوسعوا يفسح الله لكم يقول: يوسع الله منازلكم في الجنة وإذا قيل انشزوا فانشزوا يقول تعالى ذكره: وإذا قيل ارتفعوا، وإنما يراد بذلك:
وإذا قيل لكم قوموا إلى قتال عدو، أو صلاة، أو عمل خير، أو تفرقوا عن رسول الله (ص)، فقوموا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26161 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس وإذا قيل انشزوا فانشزوا إلى والله بما تعملون خبير قال: إذا قيل: انشزوا فانشزوا إلى الخير والصلاة.
26162 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: فانشزوا قال: إلى كل خير، قتال عدو، أو أمر بالمعروف، أو حق ما كان.
26163 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وإذا قيل انشزوا فانشزوا يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا. وقال الحسن: هذا كله في الغزو.
26164 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وإذا قيل انشزوا فانشزوا كان إذا نودي للصلاة تثاقل رجال، فأمرهم الله إذا نودي للصلاة أن يرتفعوا إليها، يقوموا إليها.
26165 - وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وإذا قيل انشزوا فانشزوا قال: انشزوا عن رسول الله (ص)، قال: هذا في بيته إذا قيل انشزوا، فارتفعوا عن النبي (ص)، فإن له حوائج، فأحب كل رجل منهم أن يكون آخر عهده برسول الله (ص)، فقال: وإذا قيل انشزوا فانشزوا.
وإنما اخترت التأويل الذي قلت في ذلك، لان الله عز وجل أمر المؤمنين إذا قيل لهم انشزوا، أن ينشزوا، فعم بذلك الامر جميع معاني النشوز من الخيرات، فذلك على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة فانشزوا بضم الشين، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة بكسرها.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان بمنزلة يعكفون ويعكفون، ويعرشون ويعرشون، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب.