وذكر أن قوله: فاتقوا الله ما استطعتم نزل بعد قوله: اتقوا الله حق تقاته تخفيفا عن المسلمين، وأن قول فاتقوا الله ما استطعتم ناسخ قوله: اتقوا الله حق تقاته. ذكر من قال ذلك:
26508 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا هذه رخصة من الله، والله رحيم بعباده، وكان الله جل ثناؤه أنزل قبل ذلك: اتقوا الله حق تقاته وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ثم خفف الله تعالى ذكره عن عباده، فأنزل الرخصة بعد ذلك فقال: فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا فبما استطعت يا ابن آدم، عليها بايع رسول الله (ص) على السمع والطاعة فيما استطعتم.
* - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:
اتقوا الله حق تقاته قال: نسختها: اتقوا الله ما استطعتم.
وقد تقدم بياننا عن معنى الناسخ والمنسوخ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع وليس في قوله: فاتقوا الله ما استطعتم دلالة واضحة على أنه لقوله: اتقوا الله حق تقاته ناسخ، إذ كان محتملا قوله: اتقوا الله حق تقاته فيما استطعتم، ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول الله (ص)، فإذا كان ذلك كذلك، فالواجب استعمالهما جميعا على ما يحتملان من وجوه الصحة.
وقوله: واسمعوا وأطيعوا يقول: واسمعوا لرسول الله (ص)، وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه وأنفقوا خيرا لأنفسكم يقول: وأنفقوا مالا من أموالكم لأنفسكم تستنقذوها من عذاب الله، والخير في هذا الموضع المال.
وقوله: ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون يقول تعالى ذكره: ومن يقه الله شح نفسه، وذلك اتباع هواها فيما نهى الله عنه. ذكر من قال ذلك:
26509 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني أبو معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ومن يوق شح نفسه يقول: هوى نفسه حيث يتبع هواه ولم يقبل الايمان.