حياة أرضية وحياة سماوية (1).
فنزول آدم إلى الأرض وإن كان فيه ظلم للنفس وشقاء، إلا أنه هيأ لنفسه بنزوله درجة من السعادة ومنزلة من الكمال ما كان ينالها لو لم ينزل، وكذلك ما كان ينالها لو نزل من غير خطيئة.
التصور الثاني: ما ذكره أستاذنا الشهيد الصدر (قدس سره): أن الله سبحانه قدر لادم الذي يمثل أصل الجنس البشري أن يمر بدور الحضانة التي يمر بها كل طفل ليتعلم الحياة وتجاربها، فكانت هذه الجنة الأرضية التي وجدت من أجل تربية الاحساس الخلقي لدى الانسان والشعور بالمسؤولية وتعميقه من خلال امتحانه بما يوحيه إليه من تكاليف وأوامر.
وقد كان النهي عن تناول الشجرة هو أول تكليف يوجه إلى هذا الخليفة ليتحكم في نزواته وشهواته، فيتكامل بذلك ولا ينساق مع غريزة الحرص وشهوة حب الدنيا التي كانت الأساس لكل ما يشهده مسرح التأريخ الانساني من ألوان الاستغلال والصراع.
وقد كانت المعصية التي ارتكبها آدم هي العامل الذي يولد في نفسه الاحساس بالمسؤولية من خلال مشاعر الندم فتكامل وعيه بهذا الاحساس، في الوقت الذي كانت قد نضجت لديه خبرات الحياة من خلال وجوده في الجنة.
وكان الهدى الإلهي يتمثل بخط الشهادة وهو الوحي الإلهي الذي يتحمل مسؤوليته الأنبياء لهداية البشرية.
وبذلك تتكامل المسيرة البشرية ويتطور الانسان ويسمو على المخلوقات من خلال التعليم الرباني والهدى الإلهي الذي يجسده شهيد رباني معصوم من الذنب يحمله إلى الناس من أجل تحصينهم من الضلال: (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع