فسر للصحابة على وجه العموم آيات القرآن جميعا تفسيرا شاملا، وإلا لكثرت روايات الصحابة عنه بهذا الشأن، ولما وجدنا الكثرة الكاثرة منهم أو كبار رجالاتهم يتحيرون في معنى آية، أو كلمة من القرآن ويغيب عنهم حتى المدلول اللفظي للنص، والعبرة المباشرة التي يستهدفها كما سبق في الروايات والوقائع المتقدمة.
ولكن توجد في مقابل ذلك أدلة وشواهد من القرآن الكريم وغيره تشير إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقوم بعملية تفسير شامل للقرآن كله، ولعل في طليعة ذلك قوله تعالى: ﴿كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا، ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة، ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون﴾ (١).
وقوله تعالى: ﴿... وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون﴾ (2).
وطبيعة الأشياء حين ننظر إليها من زاوية أخرى، غير الزاوية السابقة التي نظرنا من خلالها في إطار القول الأول تدل على أن النبي قد فسر القرآن تفسيرا شاملا كاملا لأننا عرفنا:
من ناحية أن الفهم الاجمالي للقرآن لم يكن كافيا، لكي يفهم الصحابة القرآن فهما شاملا دقيقا، ولم يكن انتساب الصحابة غالبا إلى اللغة العربية ضمانا كافيا لاستيعاب النص القرآني، وادراك معانيه.
ومن ناحية أخرى نحن نعرف: أن القرآن لم يكن في حياة المسلمين مجرد نص أدبي أو أشياء ترتل ترتيلا في عباداتهم وطقوسهم، وانما كان الكتاب الذي انزل لاخراج الناس من الظلمات إلى النور، وتزكيتهم وتثقيفهم