كثير من أصحاب المذاهب الذين يحاولون في تفسيرهم اخضاع النص القرآني لعقائدهم، فلا يدرسون النص ليكتشفوا اتجاهه بل يفرضون عليه اتجاههم المذهبي، ويحاولون فهمه دائما ضمن إطارهم العقائدي الخاص، وهذا ليس تفسيرا وانما هو محاولة توجيه للمذهب وتوفيق بينه وبين النص القرآني، ولهذا كان من أهم الشروط في المفسر ان يكون على درجة من التحرر الفكري تتيح له الاندماج بالقرآن، وجعله قاعدة لتكوين أي اطار مذهبي بدلا من جعل الاتجاه المذهبي المحدد قاعدة لفهم القرآن.
4 - وأخيرا لا بد للمفسر من منهج عام للتفسير، يحدد فيه عن اجتهاد علمي طريقته في التفسير، ووسائل الاثبات التي يستعملها، ومدى اعتماده على ظهور اللفظ وعلى نصوص السنة، وعلى اخبار الآحاد، وعلى القرائن العقلية في تفسير النص القرآني، لان في كل واحد من هذه الأمور خلافا علميا، ووجهات نظر عديدة، فلا يمكن ممارسة التفسير دون أن تدرس تلك الخلافات درسا دقيقا، والخروج من هذه الدراسة بوجهات نظر معينة تؤلف المنهج العام للمفسر، الذي يسير عليه تفسيره. ولما كانت تلك الخلافات تتصل بجوانب من الأصول والكلام والرجال وغيرها كان لزاما على المفسر لدى وضعه للمنهج ودراسته لتلك الخلافات ان يكون ملما إلماما كافيا بتلك العلوم.