منه توليد النار، إلا أنه لا مانع من أن تشمل الأشياء المشتعلة أيضا كالحطب باعتباره نارا خفية تظهر وقت توفر الشروط المناسبة لها.
ولا تنافي بين المعنيين، حيث المعنى الأول يفهمه العامة من الناس، والثاني أدق، يتوضح مع مرور الزمن وتقدم العلم والمعرفة.
وفي الآية اللاحقة يضيف مؤكدا الأبحاث أعلاه بقوله سبحانه: نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين.
إن عودة النار من داخل الأشجار الخضراء تذكرنا برجوع الأرواح إلى الأبدان في الحشر من جهة، ومن جهة أخرى تذكرنا هذه النار بنار جهنم.
يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) " ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " (1).
أما تعبير متاعا للمقوين فإنه إشارة قصيرة ومعبرة للفوائد الدنيوية لهذه النار، وقد ورد تفسيران لمعنى المقوين:
الأول: أن (مقوين) من مادة (قواء) على وزن (كتاب) بمعنى الصحراء اليابسة المقفرة، ولهذا أطلقت كلمة (المقوين) على الأشخاص الذين يسيرون في الصحاري، ولأن أفراد البادية فقراء، لذا فقد جاء هذا التعبير بمعنى " الفقير " أيضا.
والتفسير الثاني: أن (مقوين) من مادة (قوة) بمعنى أصحاب القوة، وبناء على هذا فإن المصطلح المذكور هو من الكلمات التي تستعمل بمعنيين متضادين (2).
صحيح أن النار هي مورد استفادة الجميع - ولكن المسافرين يستفيدون منها ويعتمدون عليها في الدف ء والطهي وخاصة في أسفارهم في الأزمنة القديمة أكثر من الآخرين.
واستفادة " الأقوياء " من النار واضحة أيضا، وذلك لإتساع المجالات التي