وقال بعضهم: " السائق " الملك الذي يسوق كل إنسان و " الشهيد " عمل الإنسان.
كما قيل أن " السائق " ملك و " الشهيد " أعضاء جسم الإنسان أو صحيفة أعماله أو الكتاب الذي في عنقه.
ويحتمل أن السائق والشهيد ملك واحد، وعطف اللفظين بعضهما على الآخر هو لاختلاف الوصفين، أي أن مع الإنسان ملكا يسوقه إلى محكمة عدل الله ويشهد عليه أيضا.
إلا أن أغلب هذه التفاسير مخالف لظاهر الآية، وظاهر الآية كما فهم منه أغلب المفسرين أن ملكين يأتيان مع كل إنسان، فواحد يسوقه والآخر يشهد على أعماله.
ومن الواضح أن شهادة بعض الملائكة لا تنفي وجود شهادة أخرى لبعض الشهود في يوم القيامة، الشهود الذين هم من قبيل الأنبياء وأعضاء البدن، وصحائف الأعمال والزمان والمكان الذين وقع عمل الإنسان فيهما أو أثم فيهما.
وعلى كل حال فالملك الأول يمنع الإنسان عن الفرار، والملك الثاني يمنع عن الإنكار، وهكذا فإن كل إنسان في ذلك اليوم مبتلى بأعماله ولا مفر له من جزاء أعماله أبدا.
وهنا يخاطب المجرمون أو جميع الناس (فردا فردا) فيقال: لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد.
أجل، إن أستار عالم المادة من الآمال والعلاقة بالدنيا والأولاد والمرأة والأنانية والغرور والعصبية والجهل والعناد وحب الذات لم تكن تسمح أن تنظر إلى هذا اليوم مع وضوح دلائل المعاد والنشور، فهذا اليوم ينفض عنك غبار الغفلة، وتماط عنك حجب الجهل والتعصب واللجاجة، وتنشق أستار الشهوات والآمال، وما كان مستورا وراء حجاب الغيب يبدو ظاهرا اليوم، لأن هذا اليوم يوم البروز