ويوم الشهود ويوم تبلى السرائر!
ولذلك فقد وجدت عينا حادة البصر ويمكن أن تدرك جميع الحقائق بصورة جيدة.
أجل، إن وجه الحقيقة لم يكن مخفيا ولا لثام على جمال الحبيب، ولكن ينبغي أن ينفض غبار الطريق ليمكن رؤيته.
إلا أن الغرق في بحر الطبيعة والابتلاء بأنواع الحجب لا يسمحان للإنسان أن يرى الحقائق بصورة واضحة، لكنه في يوم القيامة حيث تنقطع كل هذه العلائق فمن البديهي أن يحصل للإنسان إدراك جديد ونظرة ثاقبة، وأساسا فإن يوم القيامة يوم الظهور وبروز الحقائق!
حتى في هذه الدنيا استطاع البعض تخليص أنفسهم من قبضة الأهواء واتباع الشهوات وأن يلقوا الحجب عن عيون قلوبهم لرزقوا بصرا حديدا يرون به الحقائق، أما أبناء الدنيا فمحرومين منه.
وينبغي الالتفات إلى أن الحديد نوع من المعدن كما يطلق على السيف والمدية، ثم توسعوا فيه فأطلقوه على حدة البصر وحدة الذكاء، ومن هنا يظهر أن المراد بالبصر ليس العين الحقيقية الظاهرة، بل بصر العقل والقلب.
يقول الإمام علي (عليه السلام) في أولياء الله في أرضه: " هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استعوره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه " (1).
* * *