وأعماله وأقواله، وسوف يحاسبه عليها يوم القيامة.
وجملة ولقد خلقنا الإنسان يمكن أن تكون إشارة إلى أن خالق البشر محال أن لا يعلم بجزئيات خلقه؟! الخلق الدائم والمستمر، لأن الفيض أو الجود منه يبلغ البشر لحظة بعد لحظة، ولو انقطع الفيض لحظة لهلكنا، كنور الشمس الذي ينتشر في الفضاء من منبع الفيض وهو الكرة الشمسية " بل كما سنبين فإن ارتباطنا بذاته المقدسة أسمى مما مثلنا - (بنور الشمس) ".
أجل، هو الخالق، وخلقه دائم ومستمر ونحن مرتبطون به في جميع الحالات، فمع هذه الحال كيف يمكن أن لا يعلم باطننا وظاهرنا؟!
ويضيف القرآن لمزيد الإيضاح في ذيل الآية قائلا: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد.
ما أبلغ هذا التعبير!! فحياتنا الجسمانية متعلقة بعصب يوصل الدم إلى القلب ويخرجه منها بصورة منتظمة وينقله إلى جميع أعضاء البدن، ولو توقف هذا العمل لحظة واحدة لمات الإنسان.. فالله أقرب إلى الإنسان من هذا العصب المسمى بحبل الوريد.
وهذا ما أشار إليه القرآن في مكان آخر إذ قال: واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون. (1) وبالطبع فإن هذا كله تشبيه تقريبي، والله سبحانه أقرب من ذلك وأسمى رغم كون المثال المذكور أبلغ تصوير محسوس على شدة القرب، فمع هذه الإحاطة لله تعالى بمخلوقاته، وكوننا في قبضة قدرته، فإن تكليفنا واضح، فلا شئ يخفى عليه لا الأفعال ولا الأقوال ولا الأفكار والنيات ولا تخفى عليه حتى الوساوس التي تخطر في القلوب!