الداعي الإلهي للحساب. وهذا الرأي مستبعد جدا.
وهنا يثار السؤال التالي: هل الداعي هو الله سبحانه؟ أم الملائكة؟ أم إسرافيل الذي يدعو الناس ليوم الحشر عندما ينفخ في الصور؟ أم جميع هؤلاء؟
ذكر المفسرون إحتمالات عدة للإجابة على هذا التساؤل، ولكن بالرجوع إلى قوله تعالى: يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده، (1) يرجح الرأي الأول. رغم أن الآيات اللاحقة تتناسب مع كون الداعي هم الملائكة المختصون بشؤون الحساب والجزاء.
أما المراد من شئ نكر (2) فهو الحساب الإلهي الدقيق الذي لم يكن معلوما من حيث وقته قبل قيام الساعة، أو العذاب الذي لم يخطر على بالهم، أو جميع هذه الأمور، ذلك لأن يوم القيامة في جميع أحواله حالة غير مألوفة للبشر.
وفي الآية اللاحقة يبين الله سبحانه وتعالى توضيحا أكثر حول هذا الموضوع ويذكر أن هؤلاء يخرجون من القبور في حالة: خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر.
نسبة " الخشوع " هنا للأبصار لأن المشهد مرعب ومخيف إلى حد لا تستطيع الأنظار رؤيته، لذلك فإنها تتحول عنه وتطرق نحو الأسفل.
والتشبيه هنا ب الجراد المنتشر لأن النشور في يوم الحشر يكون بصورة غير منتظمة لحالة الهول التي تعتري الناس فيه، كما هي حركة انتشار الجراد التي تتمثل فيها الفوضى والاضطراب خلافا للقسم الأكبر من حركة الطيور التي تطير وفق نظم خاصة في الجو، مضافا إلى أنهم كالجراد من حيث الضعف وعدم القدرة.
نعم، إن حالة هؤلاء الفاقدين للعلم والبصيرة، حالة ذهول ووحشة وتخبط في المسير كالسكارى يرتطم بعضهم ببعض فاقدين للوعي والإرادة كما في قوله