وهنالك بعض المفسرين من فسر " مستمر " بمعنى " قوي " كما قالوا: (حبل مرير) أي: محكم، والبعض فسرها بمعنى: الطارئ وغير الثابت، ولكن التفسير الأنسب هو التفسير الأول.
أما قوله تعالى: وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر فإنه يشير إلى سبب مخالفتهم وعنادهم وسوء العاقبة التي تنتظرهم نتيجة لهذا الإصرار.
إن مصدر خلاف هؤلاء وتكذيبهم للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو تكذيب معاجزه ودلائله، وكذلك تكذيب يوم القيامة، هو اتباع هوى النفس.
إن حالة التعصب والعناد وحب الذات لم تسمح لهم بالاستسلام للحق، ومن جهة أخرى فإن المشركين ركنوا للملذات الرخيصة بعيدا عن ضوابط المسؤولية، وذلك إشباعا لرغباتهم وشهواتهم، وكذلك فإن تلوث نفوسهم بالآثام حال دون استجابتهم لدعوة الحق، لأن قبول هذه الدعوة يفرض عليهم التزامات ومسؤوليات الإيمان والاستجابة للتكاليف...
نعم إن هوى النفس كان وسيبقى السبب الرئيسي في إبعاد الناس عن مسير الحق...
وبالنسبة لقوله تعالى: وكل أمر مستقر، يعني أن كل إنسان يجازى بعمله وفعله، فالصالحون سيكون مستقرهم صالحا، والأشرار سيكون مستقرهم الشر.
ويحتمل أن يكون المراد في هذا التعبير هو أن كل شئ في هذا العالم لا يفنى ولا يزول، فالأعمال الصالحة أو السيئة تبقى مع الإنسان حتى يرى جزاء ما فعل.
ويحتمل أن يكون تفسير الآية السابقة أن الأكاذيب والاتهامات لا تقوى على الاستمرار الأبدي في إطفاء نور الحق والتكتم عليه، حيث إن كل شئ (خير أو شر) يسير بالإتجاه الذي يصب في المكان الملائم له، حيث إن الحق سيظهر وجهه الناصح مهما حاول المغرضون إطفاءه، كما أن وجه الباطل القبيح سيظهر قبحه كذلك، وهذه سنة إلهية في عالم الوجود.