أن المفسرين فهموا منه كما فهموا من الآية 70 من سورة التوبة والآية 9 من سورة الحاقة هذا المعنى من عبارة المؤتفكات، وقد إحتمل بعضهم أن هذا التعبير يشمل كل المدن المقلوبة والنازل عليها العذاب من السماء، إلا أن آيات القرآن الاخر تؤيد ما ذهب إليه المشهور بين المفسرين!.
وقد جاء في الآية (82) من سورة هود: فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود!
وجاء في تفسير علي بن إبراهيم أن المؤتفكة " المدينة المقلوبة " هي " البصرة "! لأنه ورد في رواية أن أمير المؤمنين عليا خاطب أهلها بالقول: يا أهل البصرة ويا أهل المؤتفكة ويا جند المرأة وأتباع البهيمة!
غير أنه من المعلوم أن هذا التعبير في كلام الإمام علي (عليه السلام) هو من باب التطبيق والمصداق، لا التفسير، لاحتمال أن يكون أهل البصرة يومئذ فيهم شبه بأهل المؤتفكة من الناحية الأخلاقية.. وما ابتلي به قوم لوط من عذاب الله!
وفي ختام هذا البحث يشير القرآن إلى مجموع النعم الوارد ذكرها في الآيات المتقدمة ويلمح إليها بصورة استفهام إنكاري قائلا: فبأي آلاء ربك تتمارى؟
فهل تشك وتتردد بنعم الله، كنعمة الحياة أو أصل نعمة الخلق والإيجاد، أو نعمة أن الله هذه لا يأخذ أحدا بوزر أحد، وما جاء في الصحف الأولى وأكده القرآن؟!
وهل من شاك بهذه النعمة، وهي أن الله أبعدكم عن البلاء الذي عم الأمم السابقة بكفرهم وشملكم بعفوه ورحمته؟!
أو هل هناك شك في نعمة نزول القرآن وموضوع الرسالة والهداية؟
صحيح أن المخاطب بالآية هو شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن مفهومها شامل لجميع المسلمين، بل الهدف الأصلي من هذه الآية إفهام الآخرين.