ولعل هذه الجملة إشارة إلى القيامة الوارد ذكرها آنفا، أو أنها إشارة إلى القرآن، لأنه ورد التعبير عنه ب " الحديث " في بعض الآيات كما في الآية 34 من سورة الطور، أو أن المراد من " الحديث " هو ما جاء من القصص عن هلاك الأمم السابقة أو جميع هذه المعاني.
ثم يقول مخاطبا: وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون أي في غفلة مستمرة ولهو وتكالب على الدنيا، مع أنه لا مجال للضحك هنا ولا الغفلة والجهل، بل ينبغي أن يبكى على الفرص الفائتة والطاعات المتروكة، والمعاصي المرتكبة، وأخيرا فلابد من التوبة والرجوع إلى ظل الله ورحمته!
وكلمة سامدون مشتقة من سمود على وزن جمود - ومعناه اللهو والانشغال ورفع الرأس للأعلى تكبرا وغرورا، وهي في أصل استعمالها تطلق على البعير حين يرفل في سيره ويرفع رأسه غير مكترث بمن حوله.
فهؤلاء المتكبرون المغرورون كالحيوانات همهم الأكل والنوم، وهم غارقون باللذائذ جاهلون عما يحدق بهم من الخطر والعواقب الوخيمة والجزاء الشديد الذي سينالهم.
ويقول القرآن في آخر آية من الآيات محل البحث - وهي آخر آية من سورة النجم أيضا - بعد أن بين أبحاثا متعددة حول إثبات التوحيد ونفي الشرك:
فاسجدوا لله واعبدوا.
فإذا أردتم أن تسيروا في الصراط المستقيم والسبيل الحق فاسجدوا لذاته المقدسة فحسب، إذ لله وحده تنتهى الخطوط في عالم الوجود، وإذا أردتم النجاة من العواقب الوخيمة التي أصابت الأمم السالفة لشركهم وكفرهم فوقعوا في قبضة عذاب الله، فاعبدوا الله وحده.
الذي يجلب النظر - كما جاء في روايات متعددة - أن النبي عندما تلا هذه الآية وسمعها المؤمنون والكافرون سجدوا لها جميعا.