وجدير بالذكر أن سورة النجم التي أنهت آياتها المباركة بالحديث عن يوم القيامة أزفت الآزفة تستقبل آيات سورة القمر بهذا المعنى أيضا، مما يؤكد قرب وقوع اليوم الموعود رغم أنه عندما يقاس بالمقياس الدنيوي فقد يستغرق آلاف السنين ويتوضح هذا المفهوم، حينما نتصور مجموع عمر عالمنا هذا من جهة، ومن جهة أخرى عندما نقارن جميع عمر الدنيا في مقابل عمر الآخرة فإنها لا تكون سوى لحظة واحدة.
إن اقتران ذكر هاتين الحادثتين في الآية الكريمة: " انشقاق القمر واقتراب الساعة " دليل على قرب وقوع يوم القيامة، كما ذكر ذلك قسم من المفسرين حيث أن ظهور الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو آخر الأنبياء - قرينة على قرب وقوع اليوم المشهود... قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " بعثت أنا والساعة كهاتين " (1) مشيرا إلى إصبعيه الكريمين.
ومن جهة أخرى، فإن انشقاق القمر دليل على إمكانية اضطراب النظام الكوني، ونموذج مصغر للحوادث العظيمة التي تسبق وقوع يوم القيامة في هذا العالم، حيث إندثار الكواكب والنجوم والأرض يعني حدوث عالم جديد، استنادا إلى الروايات المشهورة التي ادعى البعض تواترها.
قال ابن عباس: اجتمع المشركون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فلقتين، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن فعلت تؤمنون؟ " قالوا: نعم، وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله ربه أن يعطيه ما قالوا، فانشق القمر فلقتين ورسول الله ينادي: " يا فلان يا فلان، اشهدوا " (2).
ولعل التساؤل يثار هنا عن كيفية حصول هذه الظاهرة الكونية: (انشقاق هذا الجرم السماوي العظيم) وعن مدى تأثيره على الكرة الأرضية والمنظومة