أشياءهم...
ثم إن التطفيف أن بخس الناس له طرق شتى، فتارة يكون الميزان صحيحا إلا صاحبه لا يؤدي حقه، وتارة يكون اللعب أو العيب في الميزان... فهو يغش صاحبه بما فيه من عيب، وقد جاءت الإشارات في الآيات الآنفة إلى جميع هذه الأمور.
وبعد اتضاح هذين التعبيرين وأوفوا الكيل... وزنوا القسطاس نأتي إلى معنى (لا تبخسوا) المأخوذة من " البخس "، وهو في الأصل النقص ظلما من حقوق الناس... وقد يأتي أحيانا بمعنى الغش أو التلاعب المنتهي إلى تضييع حقوق الآخرين... فبناء على ما تقدم، فإن الجملة الآنفة ولا تبخسوا الناس أشياءهم لها معنى واسع يشمل جميع أنواع الغش والتزوير والتضليل، والتلاعب في المعاملات، وغمط حقوق الآخرين!
وأما جملة ولا تكونوا من المخسرين فمع ملاحظة أن " المخسر " هو من يوقع الآخر أو الشئ في الخسران... فمعناه واسع أيضا، إذ يشمل بالإضافة إلى البخس والتطفيف كل ما من شأنه أن يكون سببا للخسارة وإيذاء الطرف الآخر في المعاملة!
وهكذا فإن جميع ما ذكر من الاستغلال وسوء الاستفادة والظلم، والمخالفة في المعاملة والغش والإخسار، سواءا كان ذلك في الكمية أو الكيفية، كله داخل في التعليمات آنفة الذكر...
وحيث أن الاضطراب الاقتصادي، أو الأزمة الاقتصادية، أساس لاضطراب المجتمع، فإن شعيبا يختتم هذه التعليمات بعنوان جامع فيقول: ولا تعثوا في الأرض مفسدين. فتجروا المجتمع إلى هاوية الفساد والانحطاط، فعليكم أن تضعوا حدا لأي نوع من الاستثمار والعدوان وتضييع حقوق الآخرين.