وهذه التعليمات ليست بناءة للمجتمع الثري الظالم في عصر شعيب فحسب، بل هي بناءة ونافعة لكل عصر وزمان، وداعية إلى العدالة الاقتصادية!...
ثم إن " شعيبا " في آخر تعليماته - في هذا القسم - يدعوهم مرد أخرى إلى تقوى الله فيقول: واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين.
فلستم أول قوم أو جماعة خلقوا على هذه الأرض، فآباؤكم والأمم الأخرى جاءوا وذهبوا، فلا تنسوا ماضيهم وما تقبلون عليه...
(الجبلة " مأخوذة من (الجبل) وهو معروف " ما ارتفع من الأرض كثيرا " ويسمى الطود أحيانا... فالجبلة تطلق على الجماعة الكثيرة التي هي كالجبل في العظمة...
قال بعضهم: الجبلة مقدار عددها عشرة آلاف!
كما تطلق الجبلة على الطبيعة والفطرة الإنسانية، لأنها لا تتغير، كما أن الجبل لا يتغير عادة...
والتعبير المتقدم لعله إشارة إلى أن شعيبا يقول: إنما أدعوكم إلى ترك الظلم والفساد، وأداء حقوق الناس ورعاية العدل، لأن ذلك موجود في داخل الفطرة الإنسانية منذ الخلق الأول، وأنا جئتكم لإحياء هذه الفطرة...
إلا أنه - وللأسف - لم تؤثر كلمات هذا النبي المشفق، فأجابوه بمنطق " مر وفظ " سنقرؤه في الآيات المقبلة...
* * *